- يَعْنِي ابْنَ كَيسَانَ - عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: "بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا،
ــ
حازم سلمان الأشجعي في الإيمان والصلاة واللباس والأطعمة والنكاح والفضائل، ومعبد أبي الأزهر، ويروي عنه (م عم) ومروان بن معاوية، ويحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، وغيرهم وثقه ابن معين والنسائي، واعتمده مسلم، وقال في التقريب: صدوق يخطئ من السادسة، وقال الدارقطني: كوفي ثقة، وقال أحمد: ثقة، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن كيسان) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته، روى عنه المؤلف في ستة أبواب تقريبًا.
(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي الغطفاني الكوفي، مولى عزة الأشجعية، ثقة من الثالثة مات على رأس المائة (١٠٠)(عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر المدني الدوسي، وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وواحد مدني، وواحد مكي (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبًا) أي نشأ الإسلام وطرأ ووجد حالة كونه غريبًا، أي قليل الأهالي والحملة (وسيعود) أي سيصير في آخر الزمان بعد ظهوره وانتشاره في مشارق الأرض ومغاربها، وغلبته على سائر الأديان والملل كما بدأ غريبًا) أي سيصير غريبًا قليل الأهل والحفظة، كما كان في بدايته، وأول ظهوره قليل الحملة والأصحاب.
وفي المفهم: قوله: (بدأ الإسلام غريبًا) كذا روايته بهمز وفيه نظر، وذلك أن بدأ مهموزًا متعدٍ إلى مفعول كقوله تعالى:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} ويقال: بدأ الله الخلق بدأَ وأبدأهم خلقهم، وبدأ في الحديث لا يقتضي مفعولًا فظهر الإشكال، ويرتفع الإشكال بأن يُحمل بدأ الذي في الحديث على طرأ فيكون لازمًا، كما اتفق للعرب في كثير من الأفعال اللازمة، حملُها على المتعدية فيعدونها وفي كثير من الأفعال المتعدية حملها على اللازمة فتكون لازمة، كما حملوا هنا بدأ المتعدي على طرأ اللازم فيكون لازمًا، كما قالوا رجع زيدٌ ورجعته، وفغر فاه، وفغر فوه، والتضمين في اللسان جائز كثير، وأنكر بعض مشايخنا همزه وقال إنما هو بدا بمعنى ظهر، وفي إنكاره بُعْدٌ من حيث الرواية، ومن جهة المعنى، لأن المراد أن الإسلام نشأ في آحاد وقلة، وسيلحقه النقص حتى يصير في آحاد وقلة، وبدا بمعنى ظهر يبعده عن هذا المعنى، فأما الرواية