عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيفَةَ؛ قَال: كُنا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال:"أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الإِسْلامَ"
ــ
(عن شقيق) بن سلمة الأسدي، أبي وائل الكوفي، ثقة مخضرم، مات سنة (١٠٠) روى عنه المؤلف في تسعة أبواب تقريبًا.
(عن حذيفة) بن اليمان العبسي - بموحدة - أبي عبد الله الكوفي، حليف الأنصار، أحد السابقين إلى الإسلام، له مائة حديث، مات سنة (٣٦) بعد مقتل عثمان بأربعين ليلة، روى عنه المؤلف في خمسة أبواب تقريبًا.
وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وهما الأعمش عن شقيق.
(قال) حذيفة (كنا) معاشر الصحابة يومًا (مع النبي صلى الله عليه وسلم) قال الحافظ: ولعله كان ذلك يوم خروجهم إلى أحد أو غيرها، قال: ثم رأيت في شرح ابن التين الجزم بأن ذلك كان عند حفر الخندق، وحكى الداودي احتمال أن ذلك وقع لما كانوا بالحديبية، لأنه قد اختلف في عددهم، هل كانوا ألفًا وخمسمائة، أو ألفًا وأربعمائة اهـ من هامش الإكمال.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحصوا) أي عدوا (لي كم) شخصًا (يلفظ الإسلام) أي يتكلم بكلمة الإسلام، وقوله:(أحصوا) بقطع الهمزة، من أحصى الرباعي، ومنه قوله تعالى:{وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا} أي اضبطوا لي بالعدد المعلوم جملة من ينطق بالإسلام، وقوله (كم يلفظ) كم هنا استفهامية بمعنى أي عدد في محل الرفع مبتدأ، ومميزها محذوف تقديره كم شخصًا، ويلفظ بفتح الياء وكسر الفاء من باب ضرب، خبر كم الاستفهامية، الإسلام مفعول يلفظ على إسقاط الجار، أي عُدوا لي جملة الأصحاب، وأخبروني جواب كم عدد من يتلفظ بكلمة الإسلام اليوم، وفي المفهم: وأصل اللفظ الرمي، ومنه لَفَظه البحرُ أي رماه وأكلت الثمرة ولفظت نواها أي رميته، ومعناه هنا: كم ينطق الإسلام، وفي رواية البخاري إثبات الباء، ولكنها بلفظ آخر، ولفظها:"اكتبوا لي من يلفظ بالإسلام فكتبنا" وفي هذه الرواية دلالة على مشروعية كتابة دواوين الجيش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة ممن لا يصلح، وفي رواية النسائي وغيره:"أحصوا لي من كان يلفظ بالإسلام" وفي رواية أبي يعلى الموصلي: "أحصوا كل من تلفظ بالإسلام".