كما وقع لضعفاء المسلمين في مكة قبل الهجرة، فإنهم يخفون إيمانهم خوفًا من إذاية المشركين وتعذيبهم على الإيمان، أو المانعة لكم من إظهار الصلاة مثلًا.
(قال) حذيفة (فابتلينا) أي اختبرنا وأصبنا بالفتن التي لا تدفعها الكثرة منا (حتى جعل الرجل منا) معاشر الصحابة وصار (لا يصلي) صلاة الفريضة في وقتها المحدد (إلا سرًّا) وخُفية في بيته، قال القرطبي: يعني بذلك والله أعلم ما جرى لهم في أول الإسلام بمكة حين كان المشركون يؤذونهم ويمنعونهم من إظهار صلاتهم حتى كانوا يصلون سرًّا اهـ من المفهم.
قال الأبي: وهذا بعيد من السياق، ومن اللفظ لعطفه بالفاء في قوله (فابتلينا) وفي فتح الملهم قول حذيفة: فابتلينا يشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه من ولاية بعض أمراء الكوفة كالوليد بن عقبة، حيث كان يؤخر الصلاة ولا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرًّا، ثم يصلي معه خشية وقوع الفتنة اهـ منه (١/ ١٨٣).
قال النواوي فلعل ذلك كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرًّا مخافة من الظهور والمشاركة في الدخول في الفتنة والحروب والله أعلم اهـ.
قال الأبى: ولعله قاله بعد وفاته صلى الله عليه وسلم حكاية عما اتفق لهم وهم في مكة، وإلا فأين وقع ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم اهـ والله أعلم.
وهذا الحديث أعني حديث حذيفة رواه أحمد (٥/ ٣٨٤) والبخاري (٣٠٦٠) وابن ماجه (٤٠٢٩).