معه أوضح في المعنى في مثل هذا المقام كما جرينا عليه وبيناه في تفسيرنا "حدائق الروح والريحان".
(فإن قلت) على مذهب الجمهور كيف عطف قوله (أو مخرجي هم) وهو إنشاء على قول ورقة (إذ يخرجك قومك) وهو خبر، وعطف الإنشاء على الخبر لا يجوز وأيضًا فهو عطف جملة على جملة والمتكلم مختلف. (أجيب) بأن القول بأن عطف الإنشاء على الخبر لا يجوز إنما هو رأي أهل البيان، والأصح عند أهل العربية جوازه وأما أهل البيان فيقدرون في مثل ذلك جملة بين الهمزة والواو وهي المعطوف عليها فالتركيب سائغ عند الفريقين، أما المجوزون لعطف الإنشاء على الخبر فواضح وأما المانعون فعلى التقدير المذكور، وقال بعضهم: يصح أن تكون جملة الاستفهام معطوفة على جملة التمني في قوله (ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك) بل هذا هو الظاهر فيكون المعطوف عليه أول الجملة لا آخرها الذي هو ظرف متعلق بها، والتمني إنشاء فهو من عطف الإنشاء على الإنشاء، وأما العطف على جملة في كلام الغير فسائغ معروف في القرآن العظيم والكلام الفصيح قال تعالي:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَال إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} والله سبحانه وتعالي أعلم. اهـ ق.
(قال ورقة نعم) أي هم يخرجونك (لم يأت رجل قط) أي لم يأت نبي من الأنبياء في زمن من الأزمنة السابقة (بمثل ما جئت به) من الوحي (إلا عودي) أي إلا عاداه الناس وآذوه لأن الإخراج من المألوف موجب لذلك (وإن يدركني) بالجزم بإن الشرطية (يومك) بالرفع فاعل يدركني أي يوم ظهورك وانتشار نبوتك (أنصرك) بالجزم جواب الشرط (نصرًا) بالنصب على المصدرية (مؤزرًا) بضم الميم وفتح الزاي المشددة آخره راء مهملة مهموزًا أي قويًّا بليغًا مأخوذ من الأزر وهو القوة قال تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)} [طه: ٣١] ومنه تأزر النبت إذا اشتد وقوي، ولما كان ورقة سابقًا واليوم متأخرًا أسند الإدراك لليوم لأن المتأخر هو الذي يدرك السابق وهذا ظاهره أنه أقر بنبوته ولكنه مات قبل الدعوة إلى الإسلام فيكون مثل بحيرا، وفي إثبات الصحبة له نظر لكن في زيادات المغازي من رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق (فقال له ورقة: