لمن هو أصغر منه وخاف عليه لصغر سنه أن لا يعرف كون جابر صحابيًّا ثم استمر التحديث بذلك إلى الآن، قال الأبي: وكان منهم من يقول إنما قال ذلك للتنبيه على عِظَمِ ما يلقيه بعد. اهـ
قال النواوي: قوله (أن جابر بن عبد الله الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) هذا نوع مما يتكرر في الحديث ينبغي التنبيه عليه وهو أنه قال عن جابر وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن جابر بن عبد الله الأنصاري من مشهوري الصحابة أشد شهرة بل هو أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجوابه أن بعض الرواة خاطب به من يتوهم أنه يخفى عليه كونه صحابيًّا فبينه إزالة للوهم واستمرت الرواية به، فإن قيل فهؤلاء الرواة في هذا الإسناد أئمة جلة فكيف يتوهم خفاء صحبة جابر في حقهم؟ فالجواب: أن بيان هذا لبعضهم كان في حالة صغره قبل تمكنه ومعرفته، ثم رواه عند كماله كما سمعه وهذا الذي ذكرته في جابر يتكرر مثله في كثيرين من الصحابة وجواب ذلك كله ما ذكرته، والله أعلم. اهـ
وهذه الجملة -أعني جملة قوله (وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) - معترضة بين أن وخبرها وهو قوله كان يحدث) أي أن جابرًا كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا في بدئ الوحي إليه (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) صلى الله عليه وسلم (يحدث عن فترة الوحي) إليه أي عن احتباس الوحي عنه وعدم تتابعه وتواليه في النزول، وجملة قوله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في حديثه) عن فترة الوحي (فبينا أنا أمشي) في زقاق مكة (سمعت صوتًا من) جهة (السماء فرفعت رأسي) إلى السماء لأنظر صاحب الصوت بدل من جملة (قال) الأول.
قوله (عن فترة الوحي) وفترة الوحي احتباسه، قال الأبي: لم يقع في الحديث بيان كم فتر، وفي بعض الأحاديث أنه فتر سنتين ونصفًا، واختلف في إقامته بمكة بعد البعثة فروى ابن عباس ثلاث عشرة سنة وروى غيره عشرًا، قيل: ويجمع بين القولين بأن من اعتد بزمن الرؤيا وزمن فترة الوحي قال: ثلاث عشرة سنة، ومن لم يعتد بذلك قال: