(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ورأيت إبراهيم صلوات الله) وسلامه (عليه) وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (وأنا أشبه ولده) أي أولاد إبراهيم (به) أي بإبراهيم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فأتيت) أي فأتاني جبريل - عليه السلام - (بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر، فقيل لي) أي فقال لي جبريل (خذ) يا محمد (أيهما) أي أي الإناءين (شئت فأخذت) أي فاخترت إناء (اللبن فـ) أخذته و (شربته، فقال) لي جبريل - عليه السلام - (هديت) يا محمد أي وفقت (الفطرة) الإسلامية والملة الحنيفية (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل (أصبت) أي وافقت (الفطرة) والملة الحنيفية، والشك من أبي هريرة أو ممن دونه، و (أما) في قوله (أما إنك) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبه يا محمد واستمع ما أقول لك إنك يا محمد (لو أخذت الخمر) وشربتها لـ (غوت) وضلت (أمتك) عن الفطرة لأنها أم الخبائث فهي علامة على غواية أمتك ولكن وفقك الله سبحانه بعلامة هداية أمتك، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٣٣٩٤] والترمذي [٣٨٢٩] بنحوه.
"تتمة": قال القاضي عياض: أكثر الروايات أنه رآهم كذلك ليلة الإسراء (فإن قيل) كيف يحجون وهم في الآخرة وليست دار عمل (قيل) للعلماء عن ذلك أجوبة:
(الأول) أنه إذا كان الشهداء أحياء فهؤلاء أولى، وإذا كانوا أحياء صح أن يحجوا ويتقربوا إلى الله تعالى وهم وإن كانوا في الآخرة فالدنيا لم تنقطع بعد فإذا فنيت وعقبتها الآخرة دار الجزاء انقطع العمل.
(الثاني) الحج والصلاة ذكر ودعاء والآخرة دار الذكر والدعاء، قال تعالى:{دَعْوَاهُمْ فِيهَا} الآية.
(الثالث) أن يكون رآهم كذلك في المنام لقوله (بينا أنا نائم رأيتني أطوف).
(الرابع) أن تكون مثلت له حالة حجهم في حياتهم ولذلك قال كأني أنظر.