الثالثة مات سنة (١٠٨) ثمان ومائة، روى عنه في ثمانية أبواب تقريبًا (عن أبي ذر) جندب بن جنادة الغفاري المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد مدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي قتادة عن عبد الله بن شقيق (قال) أبو ذر (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن رؤية ربه، فقلت له:(هل رأيت ربك؟ ) يا رسول الله ليلة الإسراء (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نور) بالرفع والتنوين خبر لمبتدأ محذوف تقديره حجابه سبحانه وتعالى نور أو فاعل لفعل محذوف تقديره حجبني نور (أنى) بفتح الهمزة والنون اسم استفهام بمعنى كيف، وضمير النصب في (أراه) يعود إلى الله تعالى، والمعنى حجابه تعالى نور فكيف أراه سبحانه وتعالى؟ أو حجبني عنه نور فكيف أراه؟ فدل على عدم رؤيته ربه سبحانه فيكون شاهدًا لمذهب عائشة رضي الله تعالى عنها.
قال المازري: وروي (نوراني أراه) بفتح الراء وكسر النون وتشديد الياء، ويحتمل أن يكون معناه راجعًا إلى ما قلناه أي خالق النور المانع من رؤيته فيكون من صفات الأفعال، قال القاضي عياض: هذه الرواية لم تقع عندنا ولا رأيتها في شيء من الأصول ومن المستحيل أن تكون ذات الله سبحانه وتعالى نورًا إذ النور من جملة الأجسام والله سبحانه وتعالى يجل عن ذلك، ومعنى قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وما جاء في الأحاديث من تسميته تعالى بالنور معناه ذو نورهما وخالقه، وقيل هادي أهل السماوات والأرض، وقيل منور قلوب عباده المؤمنين، وقيل معناه ذو البهجة والضياء والجمال. والله أعلم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته الترمذي [٣٢٧٨].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه فقال:
(٣٤٧) - (٠٠)(٠٠)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري