للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِخَطَايَاهُمْ) فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً، حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحَمًا، أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ،

ــ

صلى الله عليه وسلم أو أبو سعيد والشك من أحد الرواة (بخطاياهم) بدل ذنوبهم وهي جمع خطيئة بمعنى السيئة (فأماتهم) الله سبحانه وتعالى في النار (إماتة) قال القاضي: قيل هو موت حقيقة كي لا يحسون النار وعقوبتهم حبسهم فيها عن دخول الجنة فهم فيها كالمسجونين، وقيل: هو كناية عن عدم إحساسهم بالألم ويجوز أن يكون ألمهم أخف كالنوم لأنه سبحانه وتعالى قد سمى النوم موتًا في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} لمن قوله (حتى إذا كانوا حممًا) يدل على أن النار تعمل في أجسادهم وجاء في حديث أبي هريرة (إذا دخل الموحدون النار أماتهم فيها فإذا أراد أن يخرجهم أمسهم العذاب تلك الساعة) وفي حديث آخر (أنه تنزوي عنهم وتقول ما لي ولأهل باسم الله).

(حتى إذا كانوا فحمًا) أي مثل الفحم وهو شعلة حطب طفئت عنها النار لتوقد ثانيًا (أذن) بالبناء للمفعول أي أذن الله سبحانه وتعالى للشافعين (بالشفاعة) أي في الشفاعة لهؤلاء الموحدين (فجيء بهم) من جهنم أي أخرجهم الشافعون من جهنم حالة كونهم (ضبائر ضبائر) أي فوجًا فوجًا جماعات جماعات منصوب على الحال من ضمير بهم.

قوله (أما أهل النار) هكذا في بعض النسخ بزيادة أما وفي بعضها (أهل النار) بإسقاط أما وتكون الفاء في (فإنهم) زائدة في خبر المبتدأ جوازًا، والنسخة الأولى أوضح أعني نسخة أما.

قوله (فأماتهم) أي أماتهم الله تعالى بحذف الفاعل للعلم به، وفي بعض النسخ فأماتتهم بتاءين أي أماتتهم النار، والظاهر من معنى هذا الحديث أن الكفار الذين هم أهل النار والمستحقون للخلود فيها لا يموتون فيها ولا يحيون حياة ينتفعون بها ويستريحون معها كما قال الله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} وكما قال تعالى: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)} وهذا جار على مذهب أهل الحق أن نعيم أهل الجنة دائم وأن عذاب أهل الخلود في النار دائم، وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ولمن ناس أصابتهم النار) إلى آخره فمعناه أن المذنبين يميتهم الله تعالى إماتة بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله تعالى وهذه الإماتة إماتة حقيقية يذهب معها الإحساس ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم ثم يميتهم ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس

<<  <  ج: ص:  >  >>