تعبد ثم يُميز بين المؤمنين والمنافقين ثم تحل الشفاعة ويوضع الصراط، وبين هذه الأحاديث معارضة في بيان الشفاعة العظمى فيجمع بين هذه الأحاديث بأن يكون الأمر بالإتباع هو أول الفصل وأول مقامه المحمود والشفاعة المذكورة فيه هي الشفاعة في المجيزين على الصراط وهي له صلى الله عليه وسلم لا لغيره كما نص عليه في الأحاديث ثم بعدها شفاعة الإخراج، قال الأبي: قوله وبهذا يتصل الحديث يعني أن الراوي أسقط ذلك في هذا الطريق ويحتمل أن يكون شَفَعَ في الأمرين واكتفى في حديث أنس بشفاعة الإخراج لأنها تستلزم الأخرى لأن الإخراج فرعُ وقوع الحساب. اهـ.
قال السنوسي: قوله (فيَحُدُّ لي حدًّا) يريد أنه يبين له في كل طور من أطوار الشفاعة حدًّا أقف عنده فلا أتعداه مثل أن يقول: شَفعتُك فيمن أخل بالجماعات، ثم يقول: شَفعتُك فيمن أخل بالصلوات ومثله فيمن شرب الخمر ثم فيمن زنى وعلى هذا ليُريه علو الشفاعة في عظم الذنب، وقال أيضًا قوله (فأخرجهم من النار) قال الطيبي: فإن قلت دل أول الكلام على أن المستشفعين هم الذين حُبِسوا في الموقف وهَمُّوا وحزِنوا لذلك وطلبوا أن يُخلِّصهم من ذلك الكرب، ودل قوله (فأخرجهم من النار) على أنهم من الداخلين فيها، فما وجهه؟ (قلت) فيه وجهان: أحدهما لعل المؤمنين صاروا فرقتين فرقة سِيرَ بهم إلى النار من غير توقف وفرقة حُبسوا في المحشر واستشفعوا به صلى الله عليه وسلم فخلصهم مما فيه وأدخلهم الجنة ثم شرع في شفاعة الداخلين في النار زُمرًا بعد زُمر كما دل عليه قوله (فيحُدُّ لي حدًّا) إلى آخره فاختصر الكلام وثانيهما أن يُراد بالنار الحبس والكُربة وما كانوا عليه من الشدة ودُنُوِّ الشمس إلى رؤوسهم وحرها وسفعها وإلجامهم بالعرق وبالخروج الخالص منها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقوله (في الثالثة أو في الرابعة) قال: قد جزم في الطريق الآخر أنه في الرابعة وفسر فيها من حبسه القرآن بأنه من وجب عليه الخلود ويأتي في زيادة الحسن في حديث أنس فيقول في الرابعة ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيقول: ليس ذلك إليك والجمع بينهما متناف لأن من قال لا إله إلا الله لا يُخَلَّد في النار، ويُجاب بأنه اختلف فقيل يعني من قالها من أمته، وقيل يعني من قالها من غير أمته فالمعنى على الأول، فأقول في الرابعة بعد إخراج أهل تلك المقادير لم يبق من أمتي أي من أتباعي إلا من قال لا إله إلا