للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيُّ شَيءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَال: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَينٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ. وَنَبِيّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ، سَلِّمْ سَلِّمْ. حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبادِ. حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيرَ إلا زَحْفًا"

ــ

بأبي وأمي (أيُّ شيء) من المخلوق يمر مرًا (كمر البرق) أي كمرور البرق ورجوعه استفهام تعجب (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألم تروا) وتنظروا (إلى البرق كيف يمر) بسرعة (ويرجع) إلى المحل الذي بدأ منه بسرعة (في) قدر (طرفة عين) ولمحتها وطرفة العين غلق الجفن على العين وفتحه (ثم) يمر ثانيهم مرًا كمر الريح) أي كمرور الريح المطلقة المرسلة (ثم) يمر ثالثهم (كمر الطير) المُسْرع في طيرانه (و) يشتد فريق منهم في مروره شدًّا كـ (شد الرجال) بكسر الراء وفتح الجيم أي كَعَدْو الرجال الأقوياء المبالغين في عَدْوهم، والشد هو العدو المبالغ والجري كما في حديث السعي (لا تقطع الوادي إلا شدًّا) أي إلا عدوًا كما في النهاية، قال القاضي: والصحيح المشهور فيه الجيم -أي كسرعة جريهم وعدوهم الشديد- جمع رجل وعند ابن ماهان كشد الرحال بالحاء المهملة وكأنه سُميت الراحلة بالرَّحْل ثم جُمع وشدُّها عدوها البالغ وجريها والمعنى متقارب أي كشد الرواحل جمع راحلة وفيه بُعد.

وقوله (تجري) وتسرع (بهم أعمالهم) تفسير لقوله فيمر أولكم كالبرق ثم كمر الريح إلخ يعني أن سرعة مزهم على الصراط بقدر أعمالهم ألا تراه كيف قال داحتى تعجز أعمال العباد" والمعنى أنهم يكونون في سرعة المرور على حسب مراتهم وأعمالهم، بمعنى سرعة مرورهم إنما هي بقدر أعمالهم وهذا بعدل الله تعالى وإلا فكُل برحمته وفضله وفي رواية بعضهم (تجري بهم أعمالهم) ولا وجه لزيادة الباء في هذه الرواية. اهـ أبي (ونبيكم) أيتها الأمة المحمدية (قائم) يومئذ (على الصراط) حالة كونه (يقول) داعيًا الله يا (رب سلم) المارين على الصراط من السقوط في جهنم و (سلمـ) هم من خطف الكلاليب وقوله (حتى تعجز أعمال العباد) غاية لقوله تجري بهم أعمالهم بحسب تفاوت مراتبها حتى تعجز وتقصر أعمال بعض العباد عن الجري بهم لغلبة ما ارتكبوا من السيئات، وحتى في قوله (حتى يجيء الرجل) بمعنى الفاء أي فيجيء الرجل منهم للمرور على الصراط (فلا يستطيع السير) والمرور على الصراط (إلا زحفًا) أي إلا سير زحف

<<  <  ج: ص:  >  >>