بكر (قالا) أي قال كل من أبي بكر وأبي كريب (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي ثقة ثبت من التاسعة (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أبي محمد الكوفي ثقة من الخامسة (عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني ثقة ثبت من الثالثة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان، وغرضه بسوقه بيان متابعة أبي صالح لأبي سلمة بن عبد الرحمن في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من الزيادة التي لا تقبل الفصل (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة) أي مُجابة فالسين والتاء زائدتان، يقال أجاب واستجاب قال الشاعر:
فلم يستجبه عند ذاك مُجيب
أي لم يُجبه، والمعنى أنهم عليهم السلام لهم دعوة في أممهم هم على يقين في إجابتها بما أعلمهم الله تعالى ثم خيَّرهم في تعيينها وما عداها من دعواتهم يرجون إجابتها ليسوا على يقين في إجابتها كما مر (فتعجل) في الدنيا أي فاستعجل (كل نبي دعوته) التي وُعد إجابتها بتعيينها لربه وسؤالها إياه (وإني اختبأتُ) وادخرت (دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي) أي فتلك الدعوة المدخرة لي (نائلة) أي شاملة (إن شاء الله) تعالى شمولها، أتى بالمشيئة امتثالًا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (من مات من أمتي) أي عامة جميع من مات من أمتي حالة كونه (لا يشرك باله شيئًا) من المخلوق، قال النواوي: وفي هذا الحديث دلالة لمذهب أهل الحق على أن كل من مات غير مشرك بالله تعالى لم يخلد في النار وإن كان مُصِرًّا على الكبائر وقد تقدمت دلائله وبيانه في مواضع كثيرة. اهـ. قال في المفهم: وقوله (فهي نائلة) أصله من نال الشيء إذا ظفر به وحصل عليه ودخول الاستثناء هنا بقوله (إن شاء الله) نظير دخوله في قوله {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ} وسيأتي