عبد شمس (فقال) في ندائهم (يا بني كعب بن لوي) راجع للتعميم (أنقذوا أنفسكم) أي فكُّوا أنفسكم (من النار) الأخروية، والإنقاذُ التخليص من ورطة قال تعالى {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}[آل عمران: ١٠٣](وبا بني مرة بن كعب أنقذوا) وخلصوا (أنفسكم من النار يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة) بنت محمد صلى الله عليه وسلم (أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك) ولا أقدر (لكم من) دفع عذاب (الله) عنكم (شيئًا) من الدفع بما يريد أن يوقعه بكم في الدنيا والآخرة من المهالك والمخاوف والعذاب إن لم تمتثلوا أوامره وتجتنبوا نواهيه، والمعنى لا تَتَّكِلُوا على قرابتي فإني لا أقدر على دفع مكروه يريده الله تعالى بكم (غير أن لكم رحمًا) أي قرابة مني (سأبُلها) أي سأصلها في الدنيا بضم الباء من باب شَدَّ (بِبِلَالِهَا) أي بصلتها في الدنيا، قال النواوي: ضبطناه بفتح الباء وكسرها لغتان، وقال المجد: البلال ككتاب الماء ويثلث وكل ما يبل به الحلق ومعناه سأصلها بصلتها التي تليق بها شُبهَتْ قطيعة الرحم بالحرارة ووصلها بإطفاء الحرارة بالبرودة ومنه (بلوا أرحامكم) أي صلوها استعاروا اليبس لمعنى القطيعة قال السنوسي: وهذا هو الذي ينبغي أن يقيد بالدنيا أي لا أقدر أن أرد عنكم من عذاب الآخرة شيئًا وإنما أقدر أن أصل رحمكم بما يليق بكم والله تعالى أعلم، قال القاضي عياض: يقال بللت رحمي بلا وبَلَلًا وبِلالًا أي وصلتها، قال الهروي: البلال بالكسر جمع بلل كجمال جمع جمل وقيل لأنه من معنى قوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ورأيته للخطابي بفتح الباء كالمال. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي رواه في تفسير سورة الشعراء، وقال: حسن غريب من هذا الوجه، والنسائي رواه في الوصايا. اهـ تحفة.