للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، ادع اللهَ أَن يَجعَلَنِي مِنهُم. قَال: اللهُم اجعلهُ مِنهم ثُم قَامَ آخَرُ. فَقَال: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ اللهَ أَن يجعَلَنِي مِنهم. قَال: سَبَقَكَ بِهَا عُكاشَةُ"

ــ

كل واحد سبعون (فقال رجل) من الحاضرين (يا رسول الله ادع الله) لي (أن يجعلني منهم) أي من أولئك السبعين (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم اجعله) أي اجعل هذا الرجل القائل (منهم) أي من أولئك السبعين والرجل هو عُكَاشة بن محصن (ثم قام) رجل (آخر فقال يا رسول الله ادع الله) لي (أن يجعلني منهم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبقك بها) أي بهذه الدعوة (عكاشة) بن محصن بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفها لغتان مشهورتان ذكرهما جماعة من العلماء منهم ثعلب والجوهري وآخرون، وقال صاحب المطالع: التشديد أكثر وأما محصن فبكسر الميم وفتح الصاد، وفي الأبي قال السهيلي: وعكاشة من عكش على القوم إذا حمل عليهم وقيل من العُكَّاشة وهي العنكبوت، قال القرطبي: وقد يكون من عكاشة بالتخفيف اسم لبيت النمل أو من عَكَشَ الشَعر إذا التوى.

وعكاشة هذا من أفاضل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: (منا خير فارس في العرب، قيل: ومن هو؟ قال: عُكَاشَة بن محصن) وله ببدر المقام المشهور ضرب بسيفه حتى انقطع فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جَزْلَ حطب فهزه فعاد سيفًا فقاتل حتى وقع الفتح وكان ذلك السيف يُسمى العون ولم يزل يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي عنده حتى قُتل في جهاد المرتدين وهو عنده، ولرغبته رضي الله عنه فيما عند الله تعالى سبق غيره من الصحابة. قال القاضي عياض: قيل إن الرجل الثاني لم يكن يستحق تلك المنزلة ولا كان بصفة أهلها بخلاف عكاشة، وقيل بل كان منافقًا فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بكلام محتمل ولم ير صلى الله عليه وسلم التصريح له بأنك لست منهم لما كان صلى الله عليه وسلم عليه من حسن العُشرة، وقيل قد يكون سبق عكاشة بوحي أن يُجاب فيه ولم يحصل ذلك للآخر، قلت: وقد ذكر الخطيب البغدادي في كتابه في الأسماء المبهمة أنه: يقال إن هذا الرجل هو سعد بن عبادة رضي الله عنه فإن صح هذا بطل قول من زعم أنه منافق ويكون سبقك بها عكاشة سدًا لباب أن يقوم كل واحد ويطلب الدعاء، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>