عثمان بن عفان (والله لأحدثنكم حديثًا) سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النواوي: وفي هذا جواز الحلف من غير ضرورة الاستحلاف، قال الأبي: والحلف هنا لتأكيد الأمر فليس من الباب (لولا آية) بمد الهمزة وبالياء المثناة من تحت وبالتاء المربوطة في آخره، وفي رواية الباجي (لولا أنه) بفتح الهمزة وبالنون المشددة وبهاء الضمير على أنه من حروف النصب والأُولَى هي المشهورة، والمعنى عليها لولا آية (في كتاب الله) تعالى موجودة (ما حدثتكم) هذا الحديث؛ أي لولا أن الله تعالى أوجب على من علم علمًا إبلاغه لما كنت حريصًا على تحديثكم ولست مستكثرًا بتحديثكم، وأراد بالآية قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الآية كما سيأتي بيانها عن عروة أي لولا الآية التي حَرَّمَت كتمان العلم ما حدثتكم به وهي وإن كانت في أهل الكتاب فقد حذرتْ أن يسلك سبيلهم في ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم قد عمم الوعيد في الحديث "من كتم علمًا ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" والمعنى على الرواية الثانية أعني رواية الباجي (لولا أنه) أي لولا أن معنى ما أحدثكم به في كتاب الله تعالى ما حدثتكم به خوف أن تتَّكِلوا على ما فيها، وفي الموطإ روى ابن عمر رضي الله عنه يريد هذه الآية {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ} الآية، وعلى هذا تصح رواية التاء ورواية النون والله أعلم اهـ أبي بتصرف، ولكن الصحيح تأويل عروة.
(إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء) باستيفاء شرائطه وأركانه وفضائله وآدابه (فيصلي) به (صلاة) مكتوبة بدليل الرواية الآتية (إلا غفر الله) سبحانه وتعالى (له ما بينه) أي ما بين فعله تلك الصلاة (وبين الصلاة التي تليها) أي بعدها، قال القاضي عياض: يعني بالتي تليها الآتية بعدها لا الماضية قبلها لقوله في الموطإ "وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها" (فإن قلت) في الحديث السابق غفر الله له ما تقدم من ذنبه فيقتضي عموم الغفران وهذا الحديث يقتضي خصوص الغفران بما بين الصلاتين فبين الحديثين معارضة (قلت) يجمع بين الحديثين بأن يقال: هذا الحديث الثاني على تقدير مضاف فيكون التقدير: غفر الله له ما بين زمن تكليفه وبين الصلاة الآتية، ويكون هذا الحديث بهذا التقدير أخص فيرد الأول إليه أو