للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ"

ــ

الرباعي الذي هو بمعنى أعطى نظير قوله تعالى {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا} كان الفاعل يعطيها من نفسه، قال النواوي: معناه أن الذنوب كلها تُغفر إلا الكبائر فإنها إنما تُكَفِّرُها التوبة أو الرحمة اهـ. وعبارة القاضي عياض هنا: قوله (ما لم تُؤْتَ كبيرة) بضم التاء المثناة فوق على صيغة المجهول، ورفع كبيرة على النيابة أي ما لم تُفعل كبيرة لأن الكبيرة لا تكفرها إلا التوبة أو فضل الله تعالى، قال الأبي: يريد عندنا أهل السنة، وأما عند المعتزلة فلا يكفرها إلا التوبة مطلقًا وليس المعنى على ما يقتضيه الظاهر من أن ترك الكبيرة شرط في محو الصغائر بالوضوء والصلاة وإنما المعنى أن الوضوء والصلاة يغفر ما تقدم إلا أن يكون فيما تقدم كبيرة فإن تلك الكبيرة لا تكفرها إلا التوبة وفضل الله عز وجل. اهـ.

(وذلك) التكفير مبتدأ، وقوله (الدهر كله) ظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدإ أي تكفير الصلاة الصغائر مستمر في جميع الدهر لا يختص بزمان دون زمان ولا بفرض دون فرض، قال الأبي: ويحتمل أن يكون المشار إليه بذلك هو معنى ما لم تؤت أي عدم الإتيان بالكبيرة معتبر في الدهر كله أو المكفر من الصغائر الدهر كله أي ولو كانت ذنوب الدهر كله. اهـ.

قال النواوي: واعلم أنه وقع في هذا الحديث "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة" الخ "إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة" وفي الرواية المتقدمة "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين غفر له ما تقدم من ذنبه" وفي الرواية الأخرى "إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها" وفي الحديث الآخر "من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة" وفي الحديث الآخر "الصلوات الخمس كفارة لما بينهن" وفي الحديث الآخر "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر" فهذه الروايات كلها ذكرها الإمام مسلم في هذا الباب وقد يقال إذا كفَّرَ الوضوءُ فماذا تكفِّرُ الصلاة؟ وإذا كفرت الصلاة فماذا تكفر الجمعات ورمضان؟ وكذلك صوم يوم عرفة كفارة سنتين ويوم عاشوراء كفارة سنة وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.

والجواب يكون بما أجاب به العلماء من أن كل واحد من هذه المذكورات صالح

<<  <  ج: ص:  >  >>