للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ. فَقَال: أَلا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ الله صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم؟ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا

ــ

(أن عثمان) بن عفان رضي الله عنه (توضأ بالمقاعد) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة كوفيون أو كوفيان وبغلاني أو نسائي، والمقاعد بفتح الميم وبالقاف قيل هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان وقيل درج وقيل موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج الناس والوضوء ونحو ذلك، قال الأبي: واللفظ يقتضي أنه موضع جرت العادة بالقعود فيه لكنه قرب المسجد لقوله في الحديث الآخر "بفناء المسجد" (فقال) عثمان (ألا أريكم) بهمزة الاستفهام التقريري الداخلة على لا النافية (وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي كيفيته وقوله (ثم توضأ) معطوف على قال، وقوله (ثلاثًا ثلاثًا) ظاهره العموم لجميع أفعال الوضوء غسلًا ومسحًا، ولا حجة لمن قال إنه خاص بالغسل دون المسح.

قال النواوي: وأما قوله (توضأ ثلاثًا ثلاثًا) فهو أصل عظيم في أن السنة في الوضوء أن يكون ثلاثًا ثلاثًا، وقد قدمنا أنه مجمع على أنه سنة وأن الواجب مرة واحدة، وفيه دلالة للشافعي ومن وافقه في أن المستحب في الرأس أن يمسح ثلاثا كباقي الأعضاء، وقد جاءت أحاديث كثيرة بنحو هذا الحديث، وقد جمعتها مبينة في شرح المهذب ونبهت على صحيحها من ضعيفها وموضع الدلالة منها.

وفي المفهم: قوله (ثلاثًا ثلاثًا) تمسك به الشافعي في استحبابه تكرار مسح الرأس بمياه متعددة كالأعضاء المغسولة، وخالفه في ذلك مالك وأبو حنيفة ورأيا أن هذا اللفظ مخصص أو مبين بما ورد من حديث عثمان نفيه حيث ذكر أعضاء الوضوء مفصلة، وقال فيها: (ثلاثًا ثلاثًا) ولم يذكر لمسح الرأس عددًا وليس في شيء من أحاديث عثمان الصحاح ذكر أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه ثلاثًا على ما قاله أبو داود بل قد جاء في حديث عبد الله بن زيد أنه مسح رأسه مرة واحدة وعضّد هذا بإبداء مناسبة وهي أن المسح شُرع تخفيفًا وفَرْض مشروعية التكرار فيه تثقيل فلا يكون مشروعًا.

قال النواوي: وهذا الإسناد من جملة ما استدركه الدارقطني وغيره على مسلم، قال أبو علي الغساني الجياني: إن وكيع بن الجراح وَهِمَ في إسناد هذا الحديث في قوله عن أبي أنس، وإنما يرويه أبو النضر عن بسر بن سعيد عن عثمان بن عفان روينا هكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>