للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَغَسَلَ رِجْلَيهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا.

قَال أَبُو الطَّاهِرِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ

ــ

للرأس أمر لا بد منه وهو الذي دلت عليه الأحاديث كذا في النسخ الموجودة عندنا، وفي بعض النسخ (بما غبر فضل يديه) بالغين المعجمة والباء الموحدة المفتوحتين على صيغة الماضي وما موصولة أي بما بقي وفضل يديه بالجر بدل من ما ويجوز أن يكون بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي وهو فضل يديه، وفي بعض النسخ (بماء من فضل يديه) بزيادة لفظة من وهو الظاهر، والظاهر عندي أن من بيانية والمعنى أنه لم يمسح الرأس بماء جديد بل مسح بما بقي على يديه أي ببقيةٍ من ماء يديه. اهـ تحفة الأحوذي (وغسل رجليه حتى أنقاهما) أي حتى جعلهما نقيتين صافيتين من الأوساخ، وفي بذل المجهود أي أزال الوسخ عنهما ويحتاجان إليه لأنهما أكثر ملاقاة للأقذار والأوساخ وبهذه الرواية حكى ابن دقيق العيد عن بعضهم ليس في غسلهما عدد بل الإنقاء، وأورد المصنف هذا الحديث لأجل زيادة وقعت فيه في مسح الرأس وهو قوله (بماء غير فضل يديه) وفي غسل الرجلين وهو قوله (حتى أنقاهما) فهذه الزيادة لا توجد إلا في هذه الرواية. اهـ.

قال النواوي: وأما قوله في هذا السند (حدثنا هارون بن معروف وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر) فهو من احتياط مسلم رحمه الله تعالى ووفور علمه وورعه ففرَّق بين روايته عن شيخيه الهارونين فقال في الأول حدثنا وفي الثاني حدثني فإن روايته عن الأول كانت سماعًا من لفظ الشيخ له ولغيره وروايته عن الثاني كانت له خاصةً من غير شريك له وقد قدمنا أن المستحب في مثل الأول أن يقول حدثنا وفي الثاني حدثني وهذا مستحب بالاتفاق وليس بواجب فاستعمله مسلم رحمه الله تعالى وقد أكثر من التحري في مثل هذا، وأما قوله (قال أبو الطاهر حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث) فهو أيضًا من احتياط مسلم وورعه فإنه روى الحديث أولًا عن شيوخه الثلاثة الهارونين وأبي الطاهر عن ابن وهب قال (أخبرني عمرو بن الحارث) ولم يكن في رواية أبي الطاهر أخبرني إنما كان فيها عن عمرو بن الحارث، وقد تقرر أن لفظة عن مختلف في حملها على الاتصال، والقائلون أنها للاتصال وهم الجماهير يوافقون على أنها دون أخبرنا فاحتاط مسلم رحمه الله تعالى وبَيَّن ذلك، وكم في جامعه من الدرر والنفائس المشابهة لهذا رحمه الله تعالى وجمع بيننا وبينه في دار كرامته والله أعلم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>