لا موقوفًا عليه، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي وبغلاني أو كوفي وبغدادي، قال (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إذا استجمر) أي مسح (أحدكم) محل الغائط والبول بالجمار أي بالأحجار الصغار (فليستجمر) استجمارًا (وتْرًا) أي فليمسحه مسحًا وترًا لا شفعًا أي ثلاثًا إن لم يحصل الإنقاء بواحدة بأن حصل باثنين أو خمسًا إن لم يحصل الإنقاء بثلاث بأن حصل بأربع أي فليأت بالوتر بعد الشفع الذي حصل به الإنقاء وهكذا يفعل وإن كثرت عدد المسحات، وما حصل به الإنقاء فواجب يُحْسَبُ واحدة ويوتر بعد ذلك ندبًا، قال النواوي: أما الاستجمار فهو مسح محل البول والغائط بالجمار وهي الأحجار الصغار، قال العلماء: تطلق الاستطابة والاستجمار والاستنجاء على تطهير محل البول والغائط، فأما الاستجمار فمختص بالمسح بالأحجار، وأما الاستطابة والاستنجاء فيكونان بالماء ويكونان بالأحجار وهذا المعنى هو الصحيح المشهور عند الفقهاء والمحدثين، واختلف قول مالك وغيره في معنى الاستجمار فقيل هذا المذكور، وقيل المراد به البخور بأن يأخذ منه ثلاث قطع أو يأخذ منه ثلاث مرات يستعمل واحدة بعد أخرى، والمعنى الأول الذي ذكرناه هو الأظهر المعروف.
والمراد بالإيتار أن يجعل عدد المسحات ثلاثًا أو خمسًا أو فوق ذلك من الأوتار، ومذهبنا أن الإيتار فيما زاد على الثلاث مستحب، وحاصل المذهب أن الإنقاء واجب واستيفاء ثلاث مسحات واجب، فإن حصل الإنقاء بثلاث فلا زيادة وإن لم يحصل وجبت الزيادة ثم إن حصل بوتر فلا زيادة هان حصل بشفع كأربع أو ست استحب الإيتار، وقال بعضهم: يجب الإيتار مطلقًا لظاهر هذا الحديث، وحجة الجمهور الحديث الصحيح في السنن "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَن استجمر فليوتر مَن فَعَل فقد أحسن ومَن لا فلا حرج" ويحملون حديث الباب على الثلاث وعلى الندب فيما زاد، والله أعلم. اهـ منه.
(قوله وترًا) قال القاضي عياض: احتج به الشافعية وأبو الفرج وابن شعبان على أن المطلوب الإنقاء مع الثلاث، قالوا: لأن السياق دل على أنه لم يُرد الواحدة إذ لو أرادها لقال فليستجمر بواحدة وإذا لم يردها فأول الإيتار بعدها الثلاث، ويؤيده قوله (أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار) ومالك والجمهور إنما يراعون الإنقاء فإن حصل بالواحدة كفت وهو أقل مسمى الوتر وإن حصل باثنين استحب الوتر، قالوا: وإنما ذكرت الثلاث