للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْتُمْ ههُنَا؟ لَوْ عَلِمْتُ أَيُّكُمْ ههُنَا مَا تَوَضَّأتُ هذَا الْوُضُوءَ. سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ المُؤْمِنِ حَيثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ"

ــ

الأشجعي الكوفيّ مولى عزَّة الأشجعية وليس بأبي حازم سلمة بن دينار الفقيه الزَّاهد المدني مولى بني مخزوم، وكلاهما خُرِّجَ عنه في الصحيحين (أنتم ها هنا) أي في موضع جهل سُنِّية المبالغة في التحجيل وإنكارهم على أبي هريرة واعتذاره عن إظهار ذلك الفعل يدل على انفراده بذلك الفعل (لو علمت) أنا أوّلًا (أنكم) يا بني فروخ (ها هنا) أي في موضع جهل سنية المبالغة في التحجيل (ما توضأت هذا الوضوء) الذي بالغت فيه في التحجيل حتَّى لا تتوهموا أن ما فعلت من الإشراع هو فرض لازم.

قال القاضي عياض: فيه أنَّه لا ينبغي لمن يُقتدى به إذا ترخص في شيء لضرورة أو شدد فيه لوسوسة أن يفعله بحضرة العوام خوف أن يترخصوا فيه لغير ضرورة أو يعتقدوا أن ما شدَّد فيه واجب، ومنه قول عمر رضي الله عنه "أيها الرُّهَيطُ إنكم يقتدى بكم" قال الأبي: قد تقدم أنَّه إنَّما استند في الإشراع لفعله صَلَّى الله عليه وسلم فليس الحديث من ذلك الباب (سمعت خليلي صَلَّى الله عليه وسلم) وقوله خليلي ليس بمعارض لحديث "لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا" لأن الممتنع أن يتخذ النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم أحدًا خليلًا لا أن يتخذه صَلَّى الله عليه وسلم أحدٌ خليلًا وليست الخلة من النسب المنعكسة من الطرفين حتَّى يلزم ذلك فيها (يقول تبلغ الحلية) يوم القيامة أراد بها النور (من المؤمن) أي النور الشبيه بالحلية بجامع أن كلا منهما يزين العضو الواقع فيه (حيث يبلغ الوَضوء) بفتح الواو أي المحل الذي يصل إليه ماء الوضوء.

قال الأبي: ولا يخفى عليك ما في احتجاجه بالحديث من النظر لأنَّه إنَّما دل على فضل الوضوء في نفسه بظهور أثره لا على الإكثار من التحلية، وقد قال أبو عبيد: المراد بالحلية هنا التحجيل من أثر الوضوء، وقال غيره: الأوْلَى أنَّه من قوله تعالى {وَحُلُّوا أَسَاورَ مِنْ فِضَّةٍ} ورد بأنه لا ربط بين الحلية والتحلِّي فإن الحلية السيماء والتحلي التزيين إلَّا أن في النهاية حليته ألبسته الحلية. واحتجاجه بهذا الحديث يدل على أن قوله "من استطاع منكم أن يطيل غرتها ليس من لفظ النَّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم وإلا كان يحتج به لأنَّه أبين اهـ.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٢/ ٣٧١] والنَّسائيُّ [١/ ٩٣] ولم يذكر في هذه الترجمة إلَّا حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>