للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ،

ــ

قبل أن يموت بعام يستقبلها) رواه أبو داود والترمذي قال: وقال فيه البخاري: هو صحيح، وذهب الشافعي إلى التفريق بين القرى والصحاري تعويلًا على أن حديث ابن عمر مخصص لأحاديث النهي بالصحراء، وأما مذهب مالك فهو أنه إذا كان ساترٌ وكُنُفٌ ملجئة إلى ذلك جاز، وإن كان الساتر وحده فروايتان، وسبب هذا الاختلاف اختلاف هذه الأحاديث وبناء بعضها على بعض، أي تُحْمَل أحاديث النهي على الصحراء وعلى ما إذا لم يكن ساتر، وأحاديث الإباحة على البنيان وعلى ما إذا كان ساتر وبهذا يجمع بينها.

والحاصل أن حديث سلمان فيه النهي عن الاستقبال فقط، وحديث أبي أيوب الآتي فيه النهي عن الاستقبال والاستدبار جميعًا، وحديث ابن عمر الآتي أيضًا، وحديث الترمذي عن جابر قال: (نهانا أن نستقبل أو نستدبر ثم رأيته قبل موته بعام مستقبلها) وحديث الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن أناسًا يكرهون أن تُسْتَقبل القبلة لبول أو غائط فأمر بموضع خلائه أن يستقبل به القبلة) فيها جوازهما، فاختلف العلماء في استقبالها واستدبارها لاختلاف هذه الأحاديث، قال القاضي عياض: فمنعهما النخعي وابن سيرين وأحمد وأبو ثور وأبو حنيفة في المشهور عنه لحديث أبي أيوب في البنيان والصحراء، وأجازهما فيهما ربيعة وداود لحديث ابن عمر ورأياه ناسخًا لتأخره مع ما ورد من فعله، وعن أبي حنيفة أيضًا جواز الاستدبار فقط دون الاستقبال لحديث سلمان هذا قصرًا له على ما ورد، وجمع مالك والشافعي بينهما فحملا حديث أبي أيوب على الصحراء وحديث ابن عمر على المدن، قال الأبي: ومن العلماء من وقف لتعارض الأحاديث وليس بينها تعارض، فإن حديث عائشة وجابر متكَلَّمٌ في سندهما، فلم يبق إلا حديث أبي أيوب ويوافقه حديث سلمان وحديث ابن عمر والجمع بينهما بما قال مالك والشافعي ممكن، والتعارض والنسخ إنما يكونان عند عدم إمكان الجمع، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وكلمة أو في قوله (أو نستنجي باليمين) وفيما بعده بمعنى الواو العاطفة لا للشك، أي ونهانا أن نستنجي وأن نستجمر باليمين صونًا لها من القاذورات لشرفها، والاستنجاء إزالة ما بالمحل من الأذى بالماء، والاستجمار أن يزيله عنه بالأحجار، ونهى هنا عن الاستنجاء باليمين ونهى في الحديث الآتي عن مسه بها، قال المازري: فينبغي

<<  <  ج: ص:  >  >>