بمعنى الفاء العاطفة على جملة قوله (فلم يستطع) أي فلم يستطع على ذلك فأخرج الذراعين (من أسفل الجبة فنسل ذراعيه) وفيه دليل على أن يسير التفريق في الطهارة لا يفسدها، قال أبو محمد عبد الوهاب: لا يختلف في أن التفريق غير المتفاحش لا يفسد الوضوء، واختلف في الكثير المتفاحش؛ فروي عن ابن وهب أنه يفسده في العبد والسهو وهو أحد قولي الشافعي، وحكي عن ابن عبد الحكم أنه لا يفسده في الحالين وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وعن ابن القاسم أنه يفسده مع العبد أو التفريط ولا يفسده مع السهو، وقال أبو الفضل عياض: إن مشهور المذهب أن الموالاة سنة وهذا هو الصحيح بناءً على ما تقدم من أن الفرائض محصورة في الآية وليس في الآية ما يدل على الموالاة وإنما أخذت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يرو عنه قط أنه فرق تفريقًا متفاحشًا.
واختلف في الفرق بين اليسير والكثير فقيل: ذلك يرجع إلى الاجتهاد وليس فيه حد، وقيل جفاف الوضوء هو الكثير. اهـ مفهم. (ومسح برأسه) قال المغيرة (ثم) بعد مسح رأسه (أهويت) أي أملت وبسطت ومددت يدي إلى رجليه (لأنزع) وأخلع عنه (خفيه) ليتمكن من غسل رجليه (فقال) في رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعهما) أي دع الخفين واتركهما على رجلي (فإني أدخلتهما) أي أدخلت الرجلين في الخفين حالة كون الرجلين (طاهرتين) من الحدث الأصغر (ومسح عليهما) أي على الخفين بدلًا عن غسل الرجلين، وفيه دليل على اشتراط لبسهما على طاهرة كاملة، وفي المفهم حمل الجمهور الطهارة على العرفية وهي الطهارة عن الحدث وخصوها بالماء لأنه الأصل والطهارة به هي الغالبة ورأى أصبغ: أن طهارة التيمم تدخل تحت مطلق قوله (أدخلتهما طاهرتين) وقيل عنه إنه بناء على أن التيمم يرفع الحدث، وذهب داود إلى أن المراد بالطهارة هنا هي الطهارة من النجس فقط فإذا كانت رجلاه طاهرتين من النجاسة جاز المسح على الخفين وسبب الخلاف الاشتراك لثاني اسم الطهارة، والله أعلم اهـ.
وشارك المؤلف في هذه الرواية أعني رواية الشعبي عن عروة أحمد [/ ٢٥١] والبخاري [٥٧٩٩]، وأبو داود [١٤٩ و ١٥٠ و ١٥١]، والترمذي [٩٧ - ١٠٠] والنسائي [١/ ٨٢].