المسح إنما هي في السفر والصحيح جواز المسح فيه إذ هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله، وحديث السباطة مما يدل عليه حيث كانت السباطة خلف الحائط بل قد روي في ذلك الحديث عن حذيفة قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة .. وذكر الحديث، وقد روى أبو داود عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الأسواق لحاجته ثم خرج فتوضأ ومسح على خفيه؛ والأسواق موضع بالمدينة وسيأتي حديث علي في توقيت المسافر والمقيم.
(فائدة) وقوله في حديث المغيرة (فمشى حتى توارى في سواد الليل) إشارة إلى آداب قضاء الحاجة، قال القاضي: من آدابه الإبعاد والاستتار حتى لا يُرى وقد جاء في الحديث "أبعدوا المذاهب" قال الأبي: ذكر الطبري في تهذيب الآثار أنه صلى الله عليه وسلم كان يذهب في قضاء حاجته إلى المُغَمَّسِ وبُعْدُه من مكة ميلان وأنه كان يرتاد لحاجته كما يرتاد المنزل.
ومن آدابه ما تقدم من اتقاء الملاعن والاستقبال والاستدبار، ومن آدابه أن يقول عند إرادة دخول الخلاء (اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث) وعند الخروج ما أخرجه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج (اللهم غفرانك الحمد لله الذي سَوَّغَنِيهِ وأخرجه خبيثًا) وقيل في وجه استغفاره في هذا الوقت إنه لفوته الذكر فيه إذ لا يذكر الله فيه، وقيل إظهارًا للعجز عن شكر النعمة، ومن آدابه أن تُتَّقَى الجُحرة والمَهْوَاة خوف أن يخرج منها ما يؤذي أو يشوش، وقيل لأنها من مساكن الجان وإن ذلك كان سبب موت سعد بن عبادة بال في جحر بأرض حوران فرمته الجن، وروي أنه سمع في الجحر راجز يرتجز:
نحن قتلنا سيد الـ ... ـخزرج سعد بن عبادة
ورميناه بسهميـ ... ـن فلم نخُطئ فؤاده
ولذا قال ابن حبيب: لا يبول في المهواة ويبول دونها ليسيل البول إليها، واستشكل ابن عبد السلام وفرق بأن حركة الجن بالطيران لا بالتمسك بالحيطان فإذا بال في المهواة فقد يصادف أحدًا منهم طائرًا.
ومن آدابه إدامة الستر فلا يرفع الثوب حتى يدنو من الأرض وأن يصمت، قال ابن العربي: وأن لا يلتفت يمينًا ولا شمالًا، قال الغزالي: وأن لا يدخل حاسر الرأس قيل