الجبة) عن إخراج الذراعين من أعلاه (فأخرج يده من تحت الجبة) وأسفلها (وألقى الجبة على منكبيه وغسل ذراعيه ومسح بناصيته وعلى العمامة) وهذا محل الترجمة قال النواوي: واحتج به أصحابنا على أن مسح بعض الرأس يكفي لأنه لو وجب مسح الجميع لم يكتف في الباقي بالعمامة إذ لا يجوز الجمع بين البدل والمبدل منه في عضو واحد كما لو مسح على خف واحد وغسل الرجل الأخرى، والتيمم للمسح على العمامة مستحب لتكون الطهارة على جميع الرأس ولا فرق بين أن يكون لبس العمامة على طهر أو على حدث وكذا لو كان على رأسه قلنسوة ولم ينزعها مسح بناصيته، ويستحب أن يُتِمَّ على القلنسوة كالعمامة ولو اقتصر على العمامة ولم يمسح شيئًا من الرأس لم يُجْزِهِ ذلك عندنا بلا خلاف وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأكثر العلماء رحمهم الله تعالى وذهب أحمد بن حنبل إلى جواز الاقتصار ووافقه عليه جماعة من السلف والله أعلم. اهـ من النواوي.
وقال القرطبي: تمسك أبو حنيفة وأشهب من أصحابنا بهذا الحديث على إجزاء مسح الناصية فقط ولا حجة لهما فيه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر عليه وأنه مسح على الناصية وعلى كل العمامة واحتج به الشافعي وأحمد بن حنبل على جواز المسح على العمامة وأنه يجزئ ولا حجة لهما فيه لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقتصر عليها بل مسح معها الناصية واشترط بعض من أجاز المسح على العمامة أن يكون لبسها على طهارة كالخفين وزاد بعضهم أن تكون محنَّكة أي مدارة بالحنك ليكون في نزعها مشقة، وذهب مالك وجُلُّ أصحابه إلى أن مسح الرأس على حائل لا يجوز تمسكًا بظاهر قوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] وهذا يقتضي المباشرة كقوله في التيمم {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}[النساء: ٤٣] إلا أن يدعو إلى ذلك ضرورة مرض أو تخوُّفٍ على النفس فحينئذ يجوز المسح على الحائل كالحال في الجبائر والعصائب، وحمل بعض أصحابنا هذا الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم كان به مرض منعه من كشف رأسه كله أو توقعه توقعًا صحيحًا وهذه طريقة حسنة فإنه تمسك بظاهر الكتاب وتأول هذه الواقعة المعيَّنة ويؤيد تأويله بامرين أحدهما: أن هذه الواقعة كانت في السفر وهو مظنة الأعذار والأمراض، والثاني: أنه مسح من رأسه الموضع الذي لم يؤلمه أو لم يتوقع فيه