بال فيه لقرب عهده بما كانت عليه العرب من الجفاء والبعد عن أدب الشرع (فقام إليه) أي إلى ذلك الأعرابي (بعض القوم) الجالسين مع الرسول صلى الله عليه وسلم لمنعه من البول، وفي الرواية الآتية (فصاح به الناس) قال الأبي: بدارهم بالإنكار يدل على أن تغيير المنكر على الفور وأنه لا يفتقر إلى إذن الإمام (فإن قلت) لو كان البول في المسجد منكرًا لم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عن تغييره بقوله دعوه (قلت) أجاب المازري بأن ذلك لخشية أن يقوم على تلك الحال فينجس محلًا آخر أو لأنه إذا قام انقطع بوله فيتأذى بالحقنة، قال القاضي عياض: أو لأنهم أغلظوا في التغيير وحقهم الرفق لا سيما التغيير على الجاهل، ويدل على هذا الوجه أنه زاد في البخاري في آخر الحديث إنما بعثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسرين (فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه) أي دعوا الأعرابي البائل على بوله واتركوه حتى يقضي بوله (ولا تُزْرِمُوه) بضم التاء وإسكان الزاي وبعدها راء من الإزرام بمعنى القطع، وفي بعض النسخ (دعوه لا تزرموه) بلا واو وهو يرجح كون النهي خوف أن يتضرر بالحقنة، أي اتركوه ولا تقطعوا عليه بوله لأنه لو قطع عليه بوله لتضرر، ولأن التنجس قد كان حاصلًا في جزء من المسجد فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه ومواضع كثيرة من المسجد، وفي الحديث استحباب الرفق بالجاهل وتعليمه من غير تعنيف عليه. اهـ من المبارق (قال) أنس (فلما فرغ) الأعرابي من بوله (دعا) أي طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم (بدلو) أي بإحضار دلو مملوءة (من ماء) طهور (فصبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أمر بصب ذلك الماء (عليه) أي على مصاب بوله من المسجد وهذا محل الترجمة من الحديث، قال النواوي: وأما الدلو ففيه لغتان التذكير والتأنيث، اهـ. قال المازري: فيه أن النجاسة المائعة غير اللزجة يكفي في تطهيرها صب الماء وإتباعه دون دَلْكٍ بخلاف ما كان منها يابسًا أو لزجًا، اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
٥٥٥ - (٠٠)(٠٠)(٠٠)(حدثنا محمد بن المثنى) بن عبيد العنزي أبو موسى