من وراء الحجاب (ما حملك) أي أي شيء حملك وبعثك (على ما صنعت بثوبيك) من غمسهما في الماء (قال) ابن شهاب (قلت) لعائشة اعتذارًا إليها من غمسهما في الماء (رأيت) في نومي (ما يرى النائم في منامه) من خيال النساء فحسِبْتُ أنهما نَجُسَا فغمستهما في الماء لتطهيرهما (قالت) عائشة (هل رأيت فيهما) أي في الثوبين (شيئًا) من المني (قلت) لها (لا) أي ما رأيت فيهما شيئًا من آثار المني (قالت) عائشة فإذا لم تر فيهما فلم غمستهما في الماء حتى (لو رأيت) فيهما (شيئًا) من المني (كسلته) أي غسلت المني الذي رأيته فيهما لا الثوبين (لقد رأيتُنِي) أي والله لقد رأيت نفسي (و) الحال (إني لأحكه) أي لأحك المني (من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) حالة كونه (يابسًا) أي جافًا على الثوب وقوله (بظفري) متعلق بأحكه.
قال النواوي: قولها (فلو رأيت شيئًا غسلته) هو استفهام إنكار حذفت منه الهمزة تقديره أكنت غاسله معتقدًا وجوب غسله، وكيف تفعل هذا وقد كنت أحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسًا بظفري ولو كان نجسًا لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتف بحكه. والله أعلم اهـ.
وقد تقدم في الباب السابق بيان من خرَّج هذا الحديث من أصحاب الأمهات برقم رواه أحمد [٦/ ٩٧ و ١٣٥] والبخاري [٢٢٩] وأبو داود [٣٧١ - ٣٧٣] والترمذي [١١٧ و ١١٨] والنسائي [١/ ٥٦] ولكن بلفظ عن الأسود أن رجلًا نزل بعائشة.
وقد استدل جماعة من العلماء بهذا الحديث على طهارة رطوبة فرج المرأة، وفيها خلاف مشهور عندنا وعند غيرنا والأظهر طهارتها، وتعلَّقَ المحتجون بهذا الحديث بأن قالوا: الاحتلام مستحيل في حق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من تلاعب الشيطان بالنائم فلا يكون المني على ثوبه صلى الله عليه وسلم إلا من الجماع ويلزم من ذلك مرور المني على موضع أصاب رطوبة الفرج فلو كانت الرطوبة نجسة لتنجس بها المني ولما تركه في ثوبه ولما اكتفى بالفرك. وأجاب القائلون بنجاسة رطوبة فرج المرأة بجوابين أحدهما: أنه يمتنع استحالة الاحتلام منه صلى الله عليه وسلم وكونه من تلاعب