للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيهِمَا، فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النبي صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ، فَأَرْسَلَ في آثَارِهِمَا. فَسَقَاهُمَا. فَعَرَفَا أَنْ لَمْ يَجِدْ عَلَيهِمَا

ــ

رواية أبي داود ليكمل مخالفتنا إياهم، وفي بعض النسخ أفلا نجامعهن بإظهار همزة الاستفهام (فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) من البياض إلى الحمرة، كما هو عادته عند الغضب وإنما تغير لأنهم قالوا ذلك بعد نزول الآية وبعد تبيين النبي صلى الله عليه وسلم لأن قولهم مخالف للأمر المنصوص عليه من الله تعالى (حتى ظننا أن قد وجد) وغضب (عليهما) أي على أسيد وعباد، وأن مخففة من الثقيلة أي أنه قد وجد عليهما، والحال أنه لم يغضب عليهما لما سيأتي قريبًا، وهذا الظن على معناه الأصلي (فخرجا) من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفًا من زيادة الغضب (فاسقبلهما) وفي رواية أبي داود فاستقبلتهما بتاء التأنيث أي استقبل الرجلين شخص معه (هدية من لبن) يهديها (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل) أي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم (في آثارهما) وفي بعض النسخ أثرهما، أي في ورائهما وعقبهما أحدًا من الحاضرين فناداهما فجاءآه (فسقاهما) من اللبن تلطفًا بهما (فعرفا) أي علم الرجلان، وفي رواية أبي داود (فظنَّا) (أن لم يجد) ولم يغضب (عليهما) وفي رواية أبي داود (أنه لم يجد) أي أنه صلى الله عليه وسلم لم يغضب عليهما لأنهما ما تكلما من الكلام إلا بحسن نيتهما فكانا في ذلك معذورين.

قال القرطبي: وتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أُسيد بن الحُضَير وعباد بن بشر، إنما كان ليبين أن الحامل على مشروعية الأحكام إنما هو أمر الله ونهيه لا مخالفة أحد ولا موافقته كما ظنا، ثم لما خرجا من عنده وتركاه على تلك الحالة خاف عليهما أن يحزنا وأن يتكدر حالهما فاستدرك ذلك واستمالهما وأزال عنهما ما أصابهما؛ بأن أرسل إليهما فسقاهما اللبن رأفة ورحمة منه لهما على مقتضى خلقه الكريم، كما قال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨] اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٢٤٦] وأبو داود [٢١٦٥] والترمذي [٢٩٨١] والنسائي [١/ ١٥٢].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث: الأول والثاني منها لعائشة ذكرهما للاستدلال بهما على أجزاء الترجمة، والثالث حديث أنس ذكره للاستشهاد لهما، والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>