وسلم في جواب سؤاله: إذا أمذى أحدكم (يغسل ذكره) وثوبه منه إذا أصابه لأنه نجس (ويتوضأ) لأنه خارج من أحد السبيلين كالبول فينقض الوضوء، قال تقي الدين: الرواية فيه بالرفع على أنه خبر في معنى الأمر وهو جائز لاشتراكهما في إثبات الشيء، ويصح فيه الجزم على تقدير الجازم وهو لام الأمر على ضعف وبعضهم منعه إلا لضرورة. اهـ أبي، قال القرطبي: ظاهر هذا أنه يغسل جميع ذكره لأن الاسم للجملة وهو رأي المغاربة من أصحابنا، وهل ذلك للعبادة فيفتقر إلى نية، أو لقطع أصل المذي فلا يحتاج؟ قولان لأبي العباس الإبيَاني وأبي محمَّد بن أبي زيد، وذهب بعض العراقيين من أصحابنا إلى أنه يغسل موضع النجاسة فقط، ولم يختلف العلماء أن المذي إذا خرج على الوجه المعتاد أنه ينقض الوضوء. اهـ منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٧٩] والبخاري [٢٦٩] وأبو داود [٢٠٦ - ٢٠٩] والترمذي [١١٤] والنسائي [١/ ٩٦ - ٩٧].
وسند هذا الحديث أعني حديث المقداد بن الأسود من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وأربعة كوفيون أو ثلاثة منهم كوفيون وواحد واسطي، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي، وفي المفهم: قوله (وأمرت المقداد بن الأسود) هذا يدل بظاهره على أنه لم يحضر مجلس السؤال، ويتوجه على هذا إشكال وهو أن يقال كيف اكتفى بخبر الواحد المفيد لغلبة الظن مع تمكنه من الوصول إلى اليقين بالمشافهة ويلزم منه جواز الاجتهاد مع القدرة على النص. والجواب أن تقول: يحتمل أن يكون مع أمره بالذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإرساله حضر مجلس السؤال والجواب ولو سلمنا عدم ذلك قلنا إن العمل بخبر الواحد جائز مع إمكان الوصول إلى اليقين إذا كان في الوصول إلى اليقين كلفة ومشقة، فإن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يتناوبون حضور مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع ما يطرأ فيه ويحدث من حضر لمن غاب، والشعبي صلى الله عليه وسلم كان يوجه ولاته وأمراءه ليعلموا الناس العلم آحادًا مع تمكنه من إرسال عدد التواتر أو أمره أن يرتحل إليه عدد التواتر ليسمعوا منه ولم يفعل ذلك إسقاطًا للمشقة ومجانبةً للتعنيت والكلفة ولذلك قال تعالى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة: ١٢٢] والطائفة لا يحصل العلم بخبرهم إذ الفرقة أقلها ثلاثة، والطائفة منهم واحد أو اثنان ولا يلزم على