الزبير الأسدي المدني (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذان السندان أيضًا من خماسياته، وغرضه بسوقهما بيان متابعة ليث بن سعد وسفيان بن عيينة لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن الزهري، وفائدتها بيان كثرة طرقه (قالت) عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل) من الجنابة (في القدح) أي من ماء القدح ففي بمعنى مِنْ (و) القدح بفتحتين فسره بقوله (هو الفَرَق) المذكور في الرواية السابقة (و) قالت عائشة أيضًا (كنت أغتسل أنا وهو) صلى الله عليه وسلم معطوف على فاعل اغتسل بعد تأكيده بضمير رفع منفصل كما هو القاعدة المشهورة عند النحاة ولفظة "في" في قوله (في الإناء الواحد) بمعنى مِنْ متعلقة باغتسل أي كنا نغتسل من ماء الإناء الواحد، وهذا لفظ حديث ليث بن سعد (وفي حديث سفيان) وروايته (من إناء واحد) بدل في الإناء الواحد. قال النواوي: وأما تطهير الرجل والمرأة من إناء واحد فهو جائز بإجماع المسلمين لهذه الأحاديث المذكورة في الباب. اهـ (قال قتيبة) بن سعيد (قال) لنا (سفيان) بن عيينة عندما حدثنا هذا الحديث (والفرق) المذكور في هذا الحديث (ثلاثة آصع) أي ما يسع ثلاثة آصع، والآصع جمع صاع على القلب، والأصل أَصْوُعٌ كأنفس في جمع نفس، قدمت الواو على الصاد وقُلبت ألفًا كما قيل في جمع دار آدُرْ، والصاع يذكَّر ويؤنث، وفيه ثلاث لغات صَاعٌ وصَوَعٌ بفتح الصاد والواو وصُوَاع بضم الصاد. اهـ نواوي.
قال القرطبي: وتفسيره بثلاثة آصع هو ما عليه والجمهور، وقال أبو الهيثم: الفرق إناء يأخذ ستة عشر رطلًا، وقال غيره هو إناء ضخم من مكاييل العراق وقيل هو مكيال أهل المدينة المعروف فيهم وهو يسع أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
ثم استشهد المؤلف بحديث آخر لعائشة رضي الله تعالى عنها لحديثها الأول فقال: