قَال: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ يَصْدُقُ
ــ
قال النوويُّ: (ورُوِّينا عن ابنهِ إِبراهيمَ قال: قال لي أبي: إِنَّ أباكَ لم يَأتِ فاحشةً قَطٌّ، وإِنه يختم القرآنَ منذ ثلاثين سنة كُل يوم مَرَّةً.
ورُوِّينا عنه أنه قال لابنه: يا بُنَيَّ؛ إِيَّاك أنْ تَعْصِيَ اللهَ تعالى في هذه الغُرْفة؛ فإِني خَتَمْتُ فيها اثني عَشَرَ ألفَ ختمة.
ورُوِّينا عنه أنه قال لِبنْتِهِ عند موته وقد بَكَتْ: يا بُنَيَّةُ لا تَبْكِي، أتخافين أن يُعَذِّبَني اللهُ تعالى وقد خَتَمْتُ في هذه الزاوية أربعةً وعشرينَ ألفَ ختمة؟ ! ) اهـ (١).
روى أبو بكرِ بن عَيَّاشٍ عن حُصَين بن عبد الرحمن وأبي حَصِين عثمان بن عاصم وأبي إِسحاق السَّبيعي وغيرهم، ويروي عنه (خ من دت س ق) والثَّوْرِيُّ وابنُ المبارك ويحيى بن آدمَ وأحمدُ -وقال: ثقةٌ ربما غَلِط- وخَلْقٌ.
وقال في "التقريب": ثقةٌ عابدٌ إلا أنه لمَّا كَبِرَ .. ساءَ حِفْظُه، وكتابُه صحيحٌ، من السادسة، مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة وقد قارب المئةَ.
(قال: سمعتُ المغيرةَ) بنَ مِقْسم -بكسر الميم وسكون القاف- الضَّبِّيَّ مولاهم، أبا هشامِ الكوفيَّ الفقيهَ الأعمى.
روى عن إِبراهيمَ النَّخَعِيِّ والشَّعْبِيِّ ومُجاهدٍ وسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ وغيرِهم، ويروي عنه (ع) وشُعْبَةُ والثَّوْرِيُّ وزائدةُ وغيرُهم، وَثَّقَه العِجْلِيُّ وابنُ مَعِين.
وقال في "التقريب": ثقةٌ مُتْقِنٌ إلا أنه كان يُدَلِّسُ ولاسِيَّما عن إِبراهيم، من السادسة، مات سنة ستٍّ وثلاثين ومائة على الصحيح.
وغَرَضُ المؤلِّفِ بسَوْقِ هذا الأَثَرِ: الاستشهادُ لأَثَرِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وهذا السَّنَدُ من ثُلاثياته في الأثر، ورجالُه مَرْوَزِيٌّ وكوفيان.
أي: سمعتُ المغيرةَ حالةَ كَوْنِه (يقولُ: لم يَكُنْ يَصْدُقُ) أي: لم يَقُلْ أَحَدٌ
(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٧٩)، وقال الإمام النووي عقب هذه الأخبار: (ولا ينبغي لِمُطَالعِه أن يُنْكِرَ هذه الأحرفَ في أحوالِ هؤلاء الذين تُستنزل الرحمة بِذِكْرِهم مستطيلًا لها، فذلك من علامة عدم فلاحِه إِنْ دام عليه، واللهُ يوفقنا لطاعتهِ بفضله ومِنَّتِهِ).