للاستعجال إلى الصلاة أو لغير ذلك، ثم (قالت عائشة) رضي الله تعالى عنها بالسند السابق (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد) تختلف أيدينا فيه (ونحن) أي وكلانا (جنبان) وهذا موضع الترجمة من الحديث.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٢٦٠] وأبو داود [٧٧] والنسائي [١/ ١٢٧].
قال النواوي: قولها (ونحن جنبان) هذا جارِ على إحدى اللغتين في الجنب أنَّه يُثَنَّى ويُجمع فيقال أنت جنب وأنتما جنبان وأنتم جنبون وأجناب، واللغة الأخرى يستعمل في الجميع بلفظ واحد فيقال أنت جنب وأنتما جنب وأنتم جنب وأنتن جنب، قال الله تعالى {وَإنْ كُنُتُمْ جُنُبًا} وقال الله تعالى {وَلَا جُنُبًا} وهذه اللغة الأخيرة أفصح وأشهر. اهـ.
قال القرطبي: واتفق العلماء على جواز اغتسال الرجل وحليلته ووضوئهما معًا من إناء واحد؛ إلَّا شيئًا رُوي في كراهية ذلك عن أبي هريرة، وحديث ابن عمر وعائشة وغيرهما يرده، وإنما الاختلاف في وضوئه أو غسله من فضلها، فجمهور السلف وأئمة الفتوى على جوازه، وروي عن ابن المسيب والحسن كراهة فضل وضوئهما، وكره أحمد فضل وضوئها وغسلها، وشرط ابن عمر إذا كانت حائضًا أو جنبًا، وذهب الأوزاعي إلى جواز تطهر كل واحد منهما بفضل صاحبه ما لم يكن أحدهما جنبًا أو المرأة حائضًا.
وسبب هذا الاختلاف اختلافهم في تصحيح أحاديث النهي الواردة في ذلك، ومن صححها اختلفوا أيضًا في الأرجح منها أو مما يعارضها كحديث ميمونة أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضلها، وكحديث ابن عباس الَّذي خرجه الترمذي وصححه، قال فيه اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه فقالت: إني كنت جنبًا فقال: إن الماء لا يُجْنِب، رواه أبو داود [٦٨] والترمذي [٦٥] وابن ماجة [٣٧٠] ولا شك في أن هذه الأحاديث أصح وأشهر عند المحدثين فيكون العلم بها أولى، وأيضًا فقد اتفقوا على جواز غسلهما معًا مع أن كل واحد منهما يغتسل بما يُفْضِلُهُ صاحبه من غَرْفِه، اهـ مفهم.