النبي صلى الله عليه وسلم (بـ) وضع (يده على وجهه قال) الراوي يعني صفية بنت شيبة، وفي بعض النسخ قالت أي صفية بنت شيبة نظير ما مر (قالت) لنا (عائشة واجْتَذَبْتُهَا) أي جذبت أسماء بنت شكل (إليّ) لئلا تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بتكرار سؤالها عليه، وفي رواية (فاجتذبتها) بالفاء بدل الواو وتقديم الذال المعجمة على الموحدة، وفي أخرى بتقديم الموحدة على الذال (فاجتذبتها) والمعنى واحد أي جررتُها بثوبها إليَّ (و) الحال أنِّي قد (عرفتُ) وفهمت (ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم) بقوله لها تطهري (فقلت) لها (تَتَبَّعِي) وتزيلي (بها) أي بالفرصة الممسكة (أثر الدم) في الفرج أي رائحته (وقال) محمد (بن أبي عمر في روايته) هذا الحديثَ قالت عائشة (فقلت) لأسماء بنت شكل (تَتَبَّعِي بها) أي تَمسَّحِي بتلك الفِرصة (آثارَ الدم) أي مواضعَ الدم يعني بها الفرج بصيغة الجمع، ونقل النواوي عن المحاملي أنَّه قال: تُطَيِّبُ كُل موضع أصابه الدم من بدنها، وفي ظاهر الحديث حجة له. اهـ.
قال القسطلاني: واستُنْبِطَ من هذا الحديث أن العالِمَ يَكْنِي بالجواب في الأمور المستورة، وأن المرأة تسأل عن أمر دينها، وتكرير الجواب لإفهام السائل، وأن للطالب الحاذق تفهيم السائل قولَ الشيخ وهو يسمع، وفيه الدلالة على حُسن خُلُق الرسول صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وحيائه. اهـ. وقال القاضي عياض: وفي الحديث الاستحياء عند ذكر ما يُسْتَحْيَا منه لا سيما ما يُذكر من ذلك بحضرة الرجال والنساء خصوصًا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي صفته صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يكن فحاشًا فيجب أن يقتديَ به أهل الفضل فيستحيون وينقبضون عند ذكر ذلك ويَكْنُون عن الألفاظ المستقبحة، ألا ترى إلى قول عائشة تَتَبَّعِي بها أثر الدم تَكْنِي به عن موضع خروجه، وفيه التسبيح عند إنكار الشيء والتعجب منه، اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري رواه في الطهارة عن مسلم بن إبراهيم عن وهيب، وفي الاعتصام عن محمد بن عقبة عن فضيل بن سليمان، والنسائي في الطهارة عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري عن سفيان [١٥٩] وعن الحسن بن محمد عن عفان عن وهيب [٢٦٦] اهـ تحفة.