صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة، والله أعلم.
وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة، أما الزوجان فلكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعًا إلا الفرج نفسه ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحها: أنه مكروه لكل واحد منهما النظر إلى فرج صاحبه من غير حاجة وليس بحرام، والثاني: أنه حرام عليهما، والثالث: أنه حرام على الرجل مكروه للمرأة والنظر إلى باطن فرجها أشد كراهة أو تحريمًا.
وأما السيد مع أمته فإن كان يملك وطأها فهما كالزوجين، وإن كانت محرمة عليه بنسب كأخته وعمته وخالته أو برضاع أو مصاهرة كأم الزوجة وبنتها وزوجة ابنه فهي كما إذا كانت حرة، وإن كانت مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو معتدة أو مكاتبة فهي كالأمة الأجنبية، وأما نظر الرجل إلى محارمه ونظرهن إليه فالصحيح أَنَّه يُبَاح فيما فوق السرة وتحت الركبة، وقيل لا يحل إلا ما يظهر في حال الخدمة والتصرف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهذا الذي ذكرناه في جميع المسائل من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها، قال أصحابنا: النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد، حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته وسائر محارمه بالشهوة، والله أعلم اهـ من النواوي.
وعبارة القرطبي هنا: قوله (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة) لا خلاف في تحريم النظر إلى العورة من الناس بعضهم إلى بعض ووجوب سترها عنهم إلا الرجل مع زوجته أو أمته، واختلف في كشفها في حالة الانفراد وحيث لا يراه أحد، ولا خلاف أن السوأتين من الرجل والمرأة عورة، واختلف فيما عدا ذلك من الركبة إلى السرة من الرجل هل هو عورة أم لا؟ ولا خلاف أن إبداءه لغير ضرورة قصدا ليس من مكارم الأخلاق، ولا خلاف أن ذلك من المرأة عورة على النساء والرجال، وأن الحرة عورة ما عدا وجهها وكفيها على غير ذوي المحارم من الرجال