قال النواوي: أما أحكام الباب فاختلف العلماء في أكل لحم الجزور فذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء، وممن ذهب إليه الخلفاء الراشدون الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأُبي بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وجماهير التابعين ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم، وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة واختاره البيهقي واحتج هؤلاء بحديث الباب يعني قوله صلى الله عليه وسلم "نعم، فتوضأ من لحوم الإبل" وبحديث البراء بن عازب، قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فأمر به. قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر بن سمرة وحديث البراء، وهذا المذهب أقوى دليلًا وإن كان الجمهور على خلافه، وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر بن عبد الله كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص، والخاص مقدم على العام، وأما إباحته صلى الله عليه وسلم الصلاة في مرابض الغنم دون مَبَارك الإبل فهو متفق عليه، والنهي عن مبارك الإبل وهي أعطانها نهي تنزيه، وسبب الكراهة ما يُخاف من نفارها وتهويشها على المصلي، والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ