أحدكم) أي علم أحدكم (في بطنه شيئًا) أي اختلاجا وتحركًا كالقرقرة بأن تردد في بطنه ريح (فأشكل) والْتَبَس (عليه أخرج منه شيء) من الريح (أم لا) يخرج منه شي أي شك بالاختلاج وحركة الدبر أَخَرَجَ شيء منه أم لا (فلا يخرجن من المسجد) أي لا ينصرفن من مصلاه للتوضوء على احتمال خروج الريح لأن يقين الطهارة لا يبطله الشك في الحديث (حتى يسمع صوتًا) أي صوت الريح الخارجة من الدبر (أو يجد ريحًا) أي نتن الريح، وهذا مجاز عن تيقن الحدث لأنهما سببان لعلم ذلك، قيل يوهم قوله (من المسجد) أن حكم غير المسجد بخلاف المسجد، قلنا المراد بالمسجد هنا المصلى كما قررناه لكن أشير به إلى أن الأصل أن يُصلي في المسجد لأنه مكانها فعلى المؤمن ملازمة الجماعات في المسجد، اهـ من المشارق والمرقاة، وقال ابن الملك عند شرح قوله (فأشكل عليه أَخَرَج منه شيء أم لا) يعني صار مشكلًا عنده خروج شيء من بطنه وعدم خروجه، فهمزة الاستفهام هنا من حروف المصادر كما عدها بعض النحاة منها كما في قوله تعالى {سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} يعني إنذارك وعدم إنذارك سواء، اهـ كما بسطنا الكلام عليها في تفسيرنا الحدائق في تلك الآية، واستُدِلَّ بعموم حديث الباب على أن الريح الخارجة من أحد السبيلين توجب الوضوء، وقال أصحاب أبي حنيفة: خروج الريح من القبل لا يُوجب الوضوء، قلت: اختلف في الريح الخارجة من قُبل المرأة وذكر الرجل فلم يُذْكَر حكمهما في ظاهر الرواية. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ٤١٤] وأبو داود [١٧٧] والترمذي [٧٤ و ٧٥].
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين الأول: حديث عبد الله بن زيد ذكره للاستدلال، والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد.