رسول الله صلى الله عليه وسلم) من المدينة (في بعض أسفاره) قال النواوي: فيه جواز مسافرة الرجل بزوجته الحرة؛ أي خرجنا معه في بعض غزواته، وهي غزوة بني المصطلق كما قاله ابنا سعد وحبان، وجزم به ابن عبد البر في الاستذكار، وكانت سنة ست كما قاله ابن إسحاق أو خمس كما قاله ابن سعد، ورجحه الحاكم في الإكليل، وفي هذه الغزوة كانت قصة الإفك، وقال الداودي: وكانت قصة التيمم في غزوة الفتح، ثم تردد في ذلك (حتى إذا كنا بالبيداء) بفتح الموحدة، والمد موضع أدنى إلى مكة من ذي الحليفة (أو) قالت عائشة (بذات الجيش) بفتح الجيم وسكون المثناة التحتية آخره شين معجمة هما موضعان بين مكة والمدينة، والشك من أحد الرواة عن عائشة كما أشرنا إليه، وقيل منها واسْتُبْعِد والذي في غير هذا الحديث أنه كان بذات الجيش كحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه عند أبي داود والنسائي بإسناد جيد "عرّس رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الجيش ومعه عائشة زوجه فانقطع عقدها .. " الحديث ولم يشك بينه وبين البيداء (انقطع عقدٌ لي) أي عقد في عنقي استعرته من أسماء أختي، والعقد بكسر العين وسكون القاف كل ما يعقد ويعلَّق في العنق ويسمى أيضًا قلادة أي قلادة كان ثمنها اثني عشر درهمًا، والإضافة في قولها لي باعتبار حيازتها للعقد واستيلائها لمنفعته لا أنها ملك لها بدليل ما في الرواية الآتية "أنها استعارت من أسماء قلادة"(فأقام) أي مكث (رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه) أي لأجل التماس ذلك العقد وطلبه والبحث عنه فعلى تعليلية بمعنى اللام (وأقام الناس معه) صلى الله عليه وسلم لأجل طلبه (و) الحال أن النبي صلى الله عليه وسلم والناس معه (ليسوا) نازلين (على ماء) موجود في ذلك الموضع (وليس معهم ماء) في مَزَاودهم وأسقيتهم، وفي هذا فوائد: منها جواز العارية وجواز عارية الحلي، وجواز المسافرة بالعارية إذا كان بإذن المعير، وجواز اتخاذ النساء القلائد، وفيه الاعتناء بحفظ حقوق المسلمين وأموالهم وإن قَلَّتْ، ولهذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم على التماسه، وجواز الإقامة في موضع لا ماء فيه وإن احتاج إلى التيمم.