للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَجنَبْنَا. فَلَمْ نَجِدْ مَاءً. فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ. وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وَصَلَّيتُ. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيكَ الأَرْضَ. ثُمَّ تَنْفُخَ. ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيكَ" فَقَال عُمَرُ: اتَّقِ اللهَ. يَا عَمَّارُ. قَال: إِنْ شِئْتَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ

ــ

تغتسل به (فقال عمار) بن ياسر وهو جالس في مجلس عمر (أما تذكر) بقلبك (يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت) كائنان (في سرية) أي في طائفة من الجيش، والهمزة في "أما" للاستفهام التقريري و"ما" نافية أو حرف استفتاح وتنبيه كألا الاستفتاحية أي ألا تذكر يا أمير المؤمنين وقت كوني وكونك في سرية، قال ابن الأثير: السرية طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تُبعث إلى العدو، وجمعها السرايا سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السَّرِي النفيس (فأجنبنا) أي أجنبت أنا وأنت أي صرنا جنبين (فلم نجد ماء) نغتسل به (فأما أنت) يا أمير المؤمنين (فلم تُصل) لأجل الجنابة (وأما أنا فتمعَّكْتُ) أي تمرغت وتقلبت (في التراب) ظنًّا مني أن التيمم عن الجنابة يكون في جميع البدن قياسًا على الوضوء (وصليت) أي أديت الصلاة في وقتها فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما فعلتُهُ في تيممي (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) لي (إنما يكفيك) ويُجزئك في تيممك مطلقًا (أن تضرب) وتنقل (بيديك) أي بكفيك (الأرض) أي التراب (ثم تنفخ) على كفيك تخفيفًا للغبار لئلا يؤذيك في عينك مثلًا (ثم تمسح بهما) أي بكفيك (وجهك) أولًا (و) تمسح بعده (كفيك) والواو لا تفيد الترتيب بل لمطلق الجمع في المسح نظير قولك جاء زيد وعمرو (فقال عمر) بن الخطاب لعمار (اتق الله يا عمار) أي تحرز وتجنب من الخطإ فيما ترويه وتثبت فيه فلعلك نسيت أو اشتبه عليك فإني كنت معك ولا أتذكر شيئًا من هذا الذي ذكرته (قال) عمار (أن شئت) أن لا أحدث شيئًا من هذا الحديث (لم أحدث به) أحدًا من الناس سمعًا وطاعة لك.

والمعنى إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحديث به راجحة على مصلحة تحديثي به أمسكت عن التحديث به بعد اليوم، فإن طاعتك واجبة على في غير المعصية وأصل تبليغ هذه السنة وأداء العلم قد حصل، فإذا أمسكت بعد اليوم لا أكون داخلًا فيمن كتم العلم، وإنما الكتم في حديث لم يرو البتة ويحتمل أنه أراد إن شئت لم أحدث

<<  <  ج: ص:  >  >>