للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجْهَهُ وَيَدَيهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيهِ السَّلامَ

ــ

وسلم بالجدار (وجهه وبديه) ليتيمم بالجدار لأنه ليس له وضوء (ثم) بعد تيممه (رد عليه) أي على الرجل (السلام) أي سلامه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ١٦٩] والبخاري [٣٣٧] وأبو داود [٣٢٩] والنسائي [١/ ١٦٥].

وقد استدل البخاري بهذا الحديث على جواز التيمم في الحضر لمن خاف فوات الوقت، وهذا الحديث يؤخذ منه أن حضور سبب الشيء كحضور وقته وذلك أنه لما سلَّم هذا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم تعين عليه صلى الله عليه وسلم الرد وخاف الفوت فتيمم، ويكون هذا حجة لأحد القولين عندنا أن من خرج إلى جنازة متوضئًا فانتقض وضوءه أن يتيمم، وقد روى أبو داود من حديث المهاجر بن قنفذ أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال: إني كنت كرهت أن أذكر الله إلَّا على طهارة، وهذا يُتَمِّم معنى حديث ابن عمر الآتي وحديث أبي الجهيم هذا، ذكر القاضي عياض: أن مسلمًا ذكره مقطوعًا، وفي كتابه أحاديث يسيرة مقطوعة متفرقة في أربعة عشر موضعًا هذا منها، وفي هذا الحديث حجة لمن قال: إن التيمم يرفع الحدث وهو ظاهر قول مالك في الموطأ ومشهور مذهبه أنه مبيح لا رافع، وقال الزهري وابن المسيب والحسن: يرفع الحدث الأصغر، وقال أبو سلمة: يرفع الحدثين جميعًا اهـ مفهم. قال النواوي: وهذا الحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان عادمًا للماء حال التيمم فإن التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادر على استعماله، ولا فرق بين أن يضيق وقت الصلاة وبين أن يتسع، ولا فرق أيضًا بين صلاة الجنازة والعيد وغيرهما هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة: يجوز أن يتيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما، وحكى البغوي من أصحابنا عن بعض أصحابنا: أنه إذا خاف فوت الفريضة لضيق الوقت صلاها بالتيمم ثم توضأ وقضاها والمعروف الأول.

وفي هذا الحديث جواز التيمم بالجدار إذا كان عليه غبار؛ وهذا جائز عندنا وعند الجمهور من السلف والخلف، واحتج به من جوز التيمم بغير التراب، وأجاب الآخرون بأنه محمول على جدار عليه تراب، وفيه دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل

<<  <  ج: ص:  >  >>