وأتى بقوله (واللفظ) أي لفظ الحديث الآتي (لقتيبة) لا لزهير ولا لإسحاق تورعًا من الكذب عليهما وأتى بقوله (قال إسحاق أخبرنا) جرير (وقال الآخران) أي قتيبة وزهير (حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي لبيان اختلاف كيفية سماع مشايخه (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن أبي صالح) السمان ذكوان الزيات المدني مولى جويرية بنت أحمد القيسية (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة) أي الأذان (أحال) بالحاء المهملة أي ذهب هاربًا، من أحال إلى الشيء إذا أقبل إليه هاربًا؛ أي ذهب وأدبر الشيطان من موضع الأذان هاربًا؛ أي إبليس أو جنس الشيطان أو كل متمرد اهـ ابن رسلان.
و(له ضراط) بزيادة واو الحال كما في رواية أبي داود، والضراط بوزن غراب ريح يخرج من أسفل الإنسان وغيره وهذا لثقل الأذان عليه كما للحمار من ثقل الحمل، قال القاضي عياض: والضراط يحتمل أنه حقيقة لأنه جسم متغذ فيصح خروج الريح منه، وقيل كناية عن شدة الغيظ والنفار لما يرى من الإعلان بكلمة الإيمان، قال الأبي: وقيل استعارة شبه إشغاله نفسه بالهروب عن سماع الأذان بالصوت الذي يمنع السمع عن سماع غيره، ثم سماه ضراطًا تقبيحًا له، وقد تقدم أن الأولى الكناية عن المعاني المستقبح سماع لفظها إلا أن تدعو ضرورة لذكر اللفظ أو لتضمن ذكره مصلحة كالتقبيح المتقدم ذكره اهـ.
أي ذهب هاربًا من موضع الأذان، والحال أن له ضراطًا (حتى لا يسمع صوته) أي لكي لا يسمع صوت المؤذن بالأذان، وهذا تعليل لإدباره وإحالته، قال القاري: قيل هذا محمول على الحقيقة لأن الشياطين يأكلون ويشربون فلا يمتنع وجود ذلك منهم خوفًا من ذكر الله تعالى، أو المراد استخفاف اللعين بذكر الله تعالى من قولهم ضرط به فلان إذا استخفه اهـ.