فَقَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, ذَاتَ يَوْمٍ:"إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ. فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ
ــ
له بهما وهو المدعو (فإن قلت) قول الصحابي كنا نفعل من قبيل المسند وهو يشعر أيضًا بتكرار ذلك منهم والتكرار مظنة سماعه صلى الله عليه وسلم ذلك فقولهم ذلك ليس استحسانًا بل مسندٌ مُقرٌّ عليه نسَخَه قوله صلى الله عليه وسلم إن الله هو السلام.
"قلت" كان الشيخ يقول ذلك ويقرر الحديث به ولا يصح لأن النسخ إنما يكون فيما يصح معناه ولا يصح هذا لما تقدم فهو تبيين عدم صواب لا نسخ، وإنما الجواب أنه لا يتعين في كنا أن يكون مسندًا وليس تكرر ذلك منهم مظنة سماعه له لأنه في التشهد والتشهد سر. اهـ منه.
(فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: إن الله هو السلام) أي إنه اسم من أسمائه تعالى؛ ومعناه السالم من سمات الحدوث أو المسلم عباده من المهالك أو المسلم على عباده في الجنة أو أن كل سلام ورحمة له ومنه وهو مالكهما ومعطيهما فكيف يُدعى له بهما وهو المدعو، وقال ابن الأنباري: أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق لحاجتهم إلى السلامة وغناه سبحانه وتعالى عنه (فإذا قعد) أي جلس (أحدكم في) آخر (الصلاة فليقل) بصيغة الأمر المقتضية للوجوب، وفي حديث ابن مسعود عند الدارقطني بإسناد صحيح وكنا لا ندري ما نقول قبل أن يفرض علينا التشهد (التحيات) جمع تحية وهو السلام أو البقاء أو الملك أو السلامة من الآفات أو العظمة؛ أي أنواع التعظيم مستحقة (لله) سبحانه وتعالى، وفي قوله لله تنبيه على الإخلاص في العبادات أي ذلك كله من الصلوات وما بعدها لا تفعل إلا لله تعالى، وجمع لأن الملوك كان كل واحد منهم يحييه أصحابه بتحية مخصوصة فقيل جميعها لله وهو المستحق لها حقيقة (والصلوات) أي الخمس واجبة لله لا يجوز أن يُقصد بها غيره تعالى أو هو إخبار عن قصد إخلاصنا له تعالى أو العبادات كلها أو الرحمة لأنه المتفضل بها (والطيبات) أي الكلمات التي يصلح أن يُثنى بها على الله دون ما لا يليق به كالأذكار والدعوات وما شاكل ذلك، مستحقة لله أو ذكر لله أو الأقوال الصالحة، أو يقال التحيات العبادات القولية، والصلوات العبادات الفعلية، والطيبات العبادات المالية، وأتى بالصلوات والطيبات معطوفًا بالواو لعطفه على التحيات أو أن الصلوات مبتدأ خبره محذوف والطيبات معطوف عليها فالأولى عطف الجملة على الجملة، والثاني عطف المفرد على الجملة قاله البيضاوي، وقال العيني: