تأويلات كثيرة أظهرها أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذلك لنفسه وأهل بيته لتتمَّ النعمة عليهم والبركة كما أتمها على إبراهيم وآله، وقيل بل سأل ذلك لأمته ليثابوا على ذلك، وقيل ليبقي له ذلك دائمًا إلى يوم الدين ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كما جعله لإبراهيم، وقيل كان ذلك قبل أن يعرف صلى الله عليه وسلم بأنه أفضل ولد آدم، وقيل بل سأل أن يصلي عليه صلاة يتخذه بها خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا، وقد أجابه الله واتخذه خليلًا كما جاء في الصحيح "لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا ولكن صاحبكم خليل الرحمن" رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه من حديث ابن مسعود، وقد جاء "أنا حبيب الرحمن" رواه الترمذي بلفظ "ألا وأنا حبيب الله" من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وقد اختلف العلماء أيهما أشرف أو هما سواء؟ واختلف هل يُدعى للنبي صلى الله عليه وسلم بغير الصلاة والسلام فيقال مثلًا اللهم ارحم محمدًا أو لمحمد أو لا يقال ذلك؟ فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى منع ذلك، واختار ذلك أبو محمد بن أبي زيد، والصحيح جوازه فقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة. واختلف هل يصلى على غير الأنبياء استقلالًا فيقال اللهم صل على فلان؟ فكره ذلك مالك لأنه لم يكن من عمل من مضى بل ذكر عن مالك رواية شاذة أنه لا يصلى على أحد من الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم وهي متأولة عليه بأنا لم نتعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء، وذهبت طائفة إلى جواز ذلك على المؤمنين لقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيكُمْ}[الأحزاب: ٤٣] وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم صل على آل أبي أوفى" رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى، ورد الفريق الآخر بأن هذا صدر من الله ورسوله ولهما أن يقولا ما أرادا بخلاف غيرهما الذي هو محكوم عليه، والذي أراه ما صار إليه مالك لقوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور: ٦٣] وينضاف إلى ذلك أن أهل البدع قد اتخذوا ذلك شعارًا في الدعاء لأئمتهم وأمرائهم ولا يجوز التشبه بأهل البدع اهـ من المفهم، قال بعضهم الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء إنما هي في الاستقلال نحو اللهم صل على فلان وأما وهي تابعة نحو اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته فجائزة وعلى الجواز فإنما يقصد بها الدعاء لأنها بمعنى التعظيم خاصة بالأنبياء عليهم السلام كخصوص عزَّ وجلَّ بالله تعالى فلا يقال محمد عزَّ وجلَّ وإن كان صلى الله عليه وسلم عزيزًا جليلًا، قال أبو