قَال ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "آمِينَ"
ــ
إذا أمن الإمام فأمنوا أن المأموم إنما يؤمن إذا أمن الإمام لا إذا ترك وبه قال بعض الشافعية وهو مقتضى إطلاق الرافعي الخلاف، وادعى النووي الاتفاق على خلافه، ونص الشافعي في الأم على أن المأموم يؤمن ولو ترك الإمام عمدًا أو سهوًا، وقوله (فإنه) أي فإن الشأن والحال (من وافق تأمينه تأمين الملائكة) تعليل لما قبله مع إضمار الإخبار عن تأمين الملائكة؛ تقديره فأمنوا كما أن الملائكة يؤمنون مع الإمام اهـ ابن الملك، كما ورد التصريح في رواية معمر عن ابن شهاب عند أبي داود والنسائي ولفظه "إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول آمين وإن الإمام يقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة" والمراد بالموافقة في القول والزمان لا في الإخلاص والخشوع والإقبال والجد، وهل المراد بالملائكة الحفظة الذين يتعاقبون أو ما هو الأعم لأن اللام للاستغراق فيقولها الحاضرون منهم ومن فوقهم إلى الملأ الأعلى، والظاهر الأخير ويدل عليه حديث أبي هريرة في الصحيحين مرفوعًا "إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، ووافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه" (غفر له ما تقدم من ذنبه") وظاهر الإطلاق يشمل الصغائر والكبائر لكن قد ثبت أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فإذا كانت الفرائض لا تكفر الكبائر فكيف تكفرها سنة التأمين (و) بالسند المتصل برواية مالك (قال ابن شهاب) الزهري (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين) بين بهذا أن المراد بقوله في الحديث إذا أمن حقيقة التأمين لا ما أول به من أن المراد بقوله إذا أمن الإمام أي دعا بدعاء الفاتحة من قوله اهدنا الخ وحينئذٍ فلا يؤمن لأنه داع، قال القاضي أبو الطيب: هذا غلط، وقول ابن شهاب وإن كان مرسلًا فقد اعتضد بصنع أبي هريرة راويه، وإذا قلنا بالراجح وهو مذهب الشافعي وأحمد أن الإمام يؤمن فيجهر به في الجهرية وفاقًا للجمهور كما مر آنفًا.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٢/ ٤٥٩] والبخاري [٦٤٠٢ و ٧٨٠] وأبو داود [٩٣٤ - ٩٣٦] والترمذي [٢٥٠] والنسائي [٢/ ١٤٣ - ١٤٤] وابن ماجه [٨٥١].