للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسْكُنُوا في الصَّلَاةِ" قَال: ثُمَّ خَرَجَ عَلَينَا فَرَآنَا حَلَقًا. فَقَال: "مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ؟ " قَال: ثُمَّ خَرَجَ عَلَينَا فَقَال: "أَلا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَال: "يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ. ويتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ"

ــ

تلك الحالة أمرهم بالسكون في الصلاة فقال (أسكنوا في الصلاة) ولا تتحركوا فيها وهذا دليل على أبي حنيفة في أن حكم الصلاة باق على المصلي إلى أن يسلم ويلزم منه أنَّه إن أحدث في تلك الحالة أعني حالة الجلوس الأخير للسلام أعاد الصلاة، قال النواوي: والمراد بالرفع المنهي عنه هنا رفعهم أيديهم عند السلام مشيرين إلى السلام من الجانبين، وبيّن في الطريقين الأخيرين كيفية السلام فقال في الأولى: إنما يكفي أحدكم ... الحديث، وقال في الآخر: إذا سلم أحدكم.

(قال) جابر بن سمرة فدخل حجرته (ثم خرج علينا فرآنا حَلَقًا) بفتحتين جمع حلقة بسكون اللام على غير قياس، وحكي ضبطه بكسر الحاء أيضًا فيكون مثل قصعة وقصع وبدرة وبدر كما في المصباح عن الأصمعي أي رآنا جالسين متفرقين حلقًا حلقًا (فقال ما لي أراكم) حالة كونكم (عزين) أي متفرقين جماعة جماعة جمع عزة بكسر العين وتخفيف الزاي، وأصلها عزو فحذفوا الواو وعوضوا عنها التاء وجمعت جمع السلامة على غير قياس نظير عضين في قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} والمراد الأمر بالاجتماع والنهي عن التفرق، قال الأبي: والنهي يحتمل أنَّه في غير الصلاة خوف افتراق الكلمة، ويحتمل أنَّه في الصلاة لما فيه من تقطيع الصفوف (قلت) يبعده قول الراوي فرآنا حلقًا والحلقة لا تستقبل كلها القبلة (قال) جابر (ثم خرج علينا فقال ألا تصفُّون) وتتراصون كما تصف الملائكة عند ربها) وهذا تأكيد في الحض كقولهم في الخمر هو ياقوتٌ سَيَّالٌ عكس ما تقدم من التشبيه بأذناب الخيل الشُمُسِ (فقلنا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول) بضم أوله وفتح ثانيه المخفف جمع أول (ويتراصون) أي الملائكة (في الصف) أي يتلاصقون ويتضامون كأنهم بنيان مرصوص، وفيه الأمر بإتمام الصفوف الأول والتراص في الصفوف.

قال (ع) تسوية الصفوف والتراص فيها وإكمال الأول فالأول سنة لحضه على ذلك في هذا الحديث، وترتيب الوعيد عليه في الآخر، ولما فيه من التشبيه بالملائكة عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>