القبطية الكوفي (عن جابر بن سمرة) الكوفي رضي الله عنهما، وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة فرات القزاز لمسعر بن كدام في رواية هذا الحديث عن عبيد الله بن القبطية (قال) جابر (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا) معاشر الصحابة (إذا سلمنا) أي إذا أردنا التسليم من الصلاة (قلنا) مشيرين (بأيدينا) إلى الجانبين (السلام عليكم) مرة في اليمين و (السلام عليكم) مرة في اليسار (فنظر إلينا رسول إله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنكم) وشغلكم حال كونكم (تشيرون بأيديكم) إلى الجانبين، حالة كون الأيدي (كأنها أذناب خيل شمس) أي مشبهة بأذنابها في الارتفاع والتحرك و (إذا سلم أحدكم) أي أراد التسليم من الصلاة (فليلتفت إلى صاحبه) وأخيه الَّذي في اليمين أو اليسار (ولا يومئ) أي ولا يشير (بيده) إلى الجانبين. قال النواوي: وفي هذا الحديث أن السنة في السلام من الصلاة أن يقول السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله عن شماله، ولا يسن زيادة وبركاته وإن كان قد جاء فيها حديث ضعيف، وأشار إليها بعض العلماء ولكنها بدعة إذ لم يصح فيها حديث بل صح هذا الحديث وغيره في تركها والواجب منه السلام عليكم مرة واحدة ولو قال السلام عليك بلا ميم لم تصح صلاته، وفيه دليل على استحباب تسليمتين وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وفيه الأمر بالسكون في الصلاة والخشوع فيها والإقبال عليها وأن الملائكة يصلون وأن صفوفهم على هذه الصفة، والله تعالى أعلم اهـ.
قال ابن الملك (قوله فكنا إذا سلمنا) الخ ظاهره يشعر بأن النهي عن رفع اليد كان خاصًّا بالذي عند التسليم، واللفظ المتقدم عن جابر ليس كذلك بل هو عام لكل رفع غَيرَ الَّذي عند التحريمةِ المجمعِ على ثبوته والموافقُ للترجمة هنا أعني الأمر بالسكون في الصلاة هو ذاك لأن الَّذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له اسكن في الصلاة، على أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب كما تقرر في موضعه اهـ.