للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا. حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ، حَتى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ. فَقَال: "عِبَادَ اللهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ

ــ

(سمعت النعمان بن بشير) رضي الله عنهما الأنصاري أبا عبد الله المدني. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم كوفيان وواحد مدني وواحد نيسابوري، وغرضه بسوقه بيان متابعة سماك بن حرب لسالم بن أبي الجعد في رواية هذا الحديث عن النعمان، وكرر متن الحديث لما فيها من الزيادة التي لا تقبل الفصل، والله أعلم (يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي) أي يعدل (صفوفنا) بتعديل مناكبنا وأقدامنا أي يبالغ في تسويتها (حتَّى كأنما يسوي بها القداح) أي يبالغ في تسويتها حتَّى تصير كأنها السهام لشدة استوائها أي يبالغ في تسويتها حتَّى كأنه يشبه بمن يعدل القداح وينحتها، والقداح بكسر القاف هي خشب السهام حين تنحت وتبرى، واحدها قدح بكسر القاف وسكون الدال، قال ابن الملك: والقداح السهام التي يستقسمون بها أو التي يرمى بها عن القوس، وفي حديث ابن عمر على ما ذكر في النهاية (كان يقومهم في الصف كما يقوم القَدَّاح القدح) والقدّاح بالتشديد صانع القدح اهـ.

وقوله (حتَّى رأى) وظن (أنا قد عقلنا) وفهمنا (عنه) ما يريد من التسوية بدل من حتَّى الأولى مع مدخولها أي يسوي صفوفنا حتَّى ظن أنا قد عقلنا عنه ما يريد وفعلناه وكلمة ثم في قوله (ثم خرج يومًا) للترتيب الذكري أي ثم بعد ما ذكرت أقول إنه خرج يومًا من الأيام إلى المسجد للصلاة بنا (فقام) في موضعه للإحرام (حتَّى كاد) وقرب أن (يكبر) للإحرام بحذف أن المصدرية في خبر كاد لأن الكثير حذفها مع كاد كقوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ويقل اقترانه بها كقوله: كادت النفس أن تَفِيضَ عليه، أي قَرُبَت الروحُ أن تَخْرج حزنًا عليه أي على الميت كما قال ابن مالك:

وكونه بدون أن بعد عسى ... نزر وكاد الأمر فيه عكسا

(فرأى رجلًا باديًا) أي خارجًا (صدره من الصف فقال) يا (عباد الله) والله (لتسون) بضم التاء وفتح السين وضم الواو المشددة وتشديد النون المؤكدة (صفوفكم) باعتدال القائمين بها على سمت واحد أو بسد الخلل فيها (أو ليخالفن الله) بالرفع على الفاعلية

<<  <  ج: ص:  >  >>