عبد الله (بن وهب) بن مسلم المصري (أخبرني يحيى بن أيوب) الغافقي أبو العباس المصري، وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وقال في التقريب: صدوق ربما أخطأ، من (٧) مات سنة (١٦٨) روى عنه في (٧) أبواب (عن عمارة بن غزية) الأنصاري المدني (عن سمي مولى أبي بكر) بن عبد الرحمن المخزومي المدني (عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني. وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مدنيون وثلاثة مصريون، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله) هذا تعليم للأمة لأنه قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو شكر له على نعمة الغفران (دقه) أي صغيره (وجله) أي كبيره وهما بكسر أولهما وتشديد ثانيهما وفسرهما النواوي بالقليل والكثير، قال: وفيه توكيد الدعاء وتكثير ألفاظه وإن أغنى بعضها عن بعض لأنه من المواضع التي يطلب فيه الإطناب، قيل: وإنما قدم الدق على الجل لأن السائل يتصاعد في مَسْأَلتِه أي يَترقى، ولأن الكبائر تنشأ غالبًا من الإصرار على الصغائر وعدم المبالاة بها فكأنها وسائل إلى الكبائر، ومن حق الوسيلة أن تقدم إثباتًا ورفعًا اهـ ملا علي.
(وأوله) أي ما وقع أولًا يعني ما تقدم (وآخره) أي ما تأخر وقوعه يعني وما تأخر والمقصود الإحاطة بجميعها (وعلانيته) أي ما وقع منها مع العلانية والإظهار للناس (وسره) أي ما وقع منها مع السر والإخفاء عن الناس والعلانية والسر بالنسبة إلى غيره تعالى وإلا فهما سواء عنده سبحانه وتعالى لأنه يعلم السر وأخفى، وفي هذا الحديث دليل على نسبة الذنوب إليه صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف الناس في ذلك فمنهم من يقول الأنبياء كلهم معصومون من الكبائر والصغائر، وذهبت شرذمة من الروافض إلى تجويز كل ذلك عليهم إلا ما يناقض مدلول المعجزة كالكذب والكفر، وذهب المقتصدون إلى أنهم معصومون عن الكبائر إجماعًا سابقًا خلافَ الروافض ولا يُعتدُّ بخلافهم إذ قد حَكَم بكفرهم كثير من العلماء اهـ قرطبي.