سواك وسجادة (فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سل) إياي يا ربيعة أي اطلب مني حاجة في مقابلة خدمتك لي (فقلت) له (أسألك مرافقتك) أي مصاحبتك (في الجنة قال أو غير ذلك) أي تسأل ذلك أو غير ذلك، وأجاز ملا علي فتح الواو في أو على أن تكون الهمزة للاستفهام فالمعنى أثابت أنت في طلبك أم لا؟ وتسأل غيره، وهذا ابتلاء وامتحان لينظر هل يثبت على ذلك المطلوب العظيم الذي لا يقابله شيء فإن الثبات على طلب أعلى المقامات من أتم الكمالات اهـ قال ربيعة بن كعب (قلت) له صلى الله عليه وسلم (هو ذاك) أي سؤالي مرافقتك على تقدير كونِ أَوْ عاطفةً وعلى تقديرِ الاستفهام مسؤولي ذلك لا أَتجاوزُ عنه قاله ملا علي (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لربيعة (فأعني على) تحصيل نيل مراد (نفسك) الذي هو مرافقتي في الجنة (بكثرة السجود) التي يستلزمها كثرة الصلاة من النوافل.
قال القرطبي: الحديث دليل على أن كثرة السجود أفضل من طول القيام وهي مسألة اختلف العلماء فيها فذهبت طائفة إلى ظاهر هذا الحديث، وذهبت طائفة أخرى إلى أن طول القيام أفضل متمسكين بقوله صلى الله عليه وسلم:"أفضلُ الصلاةِ طُولُ القُنوتِ" رواه مسلم والترمذي من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وفسروا القنوت بالقيام كما قال تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ذكر هذه المسألة والخلاف فيها الترمذي. والصحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطول في قيام صلاة الليل وداوم على ذلك إلى حين موته فدل على أن طول القيام أفضل.
ويحتمل أن يقال إن ذلك يرجع إلى حال المصلي فرب مصل يحصل له في حال القيام من الحضور والتدبر والخشوع ما لا يحصل له في السجود، ورب مصل يحصل له في السجود من ذلك ما لا يحصل له في القيام فيكون الأفضل له هذه الحال التي حصل له فيها ذلك المعنى الذي هو روح الصلاة والله تعالى أعلم اهـ.
وقال أيضًا: قوله (أو غير ذلك) رويناه بإسكان الواو من أو ونصب غير أي أو سل غير ذلك كأنه حضه على سؤال شيء آخر غير مرافقته لأنه فهم منه أن يطلب المساواة معه في درجته وذلك مما لا ينبغي لغيره، فلما قال الرجل: هو ذلك، قال له: فأعني