مالك بن سُلامَان الأسلمي ابن عم الأنصار أبي مسلم المدني، له (٧٧) حديثًا، الصحابي المشهور بايع تحت الشجرة أول الناس وأوسطهم وآخرهم على الموت، وكان شجاعًا راميًا يسابق الفرسان على قدميه. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان أو بصري ومروزي (أنه) أي أن سلمة بن الأكوع (كان يتحرى) أي يجتهد ويقصد ويختار لصلاته (موضع مكان المصحف) أي موضعًا كان عند مكان وضع المصحف من المسجد النبوي وهو المكان الذي وضع فيه صندوق المصحف في المسجد النبوي الشريف وذاك المصحف هو الذي سمي إمامًا من عهد عثمان رضي الله عنه وكان في ذلك المكان أسطوانة تعرف بأسطوانة المهاجرين وكانت متوسطة في الروضة الشريفة، ذكر ابن حجر أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها وروي عن الصديقة أنها كانت تقول لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام وأنها أسرَّتها إلى ابن الزبير فكان يُكْثِرُ الصلاةَ عِنْدَها (يسبح) أي يصلي صلاة الضحى (فيه) أي في ذلك المكان، والتسبيح يعم صلاة النفل كلها (وذكر) سلمة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحرى) ويختار (ذلك المكان) للصلاة وللجلوس فيه (وكان بين المنبر والقبلة قدر ممر الشاة) قَدَّرُوه بشير. وهذا الحديث من أفراد المؤلف إلا أنه شاركه أحمد [٤/ ٥٤].
قوله (يسبح فيه) أي يصلي فيه سبحته من النافلة وتحريه ذلك الموضع لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لا لكون المصحف فيه، وفيه جواز الصلاة إلى المصحف ما لم يوضع للصلاة إليه، وفيه اتخاذ الرجل موضعًا يصلي فيه واختلف فيه السلف وخُفف ذلك للعالم والمفتي لِتيَسُّرِ وجودهما، والنهي عن اتخاذ الرجل موضعًا من المسجد إنما هو إذا لم يكن للموضع فضل وليس الرجل يحتاج إليه، وقوله (وكان بين المنبر والقبلة) الخ أي لم يكن المنبر مُلْصَقًا بالجدار، والمراد بالقبلة الجدار ذكره النواوي، وليس هذا من مسائل السترة، وقيل لأنه صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر، قال النواوي: وإنما أخر المنبر عن الجدار لئلا ينقطع نظرُ أهلِ الصف الأولِ بعضِهم عن بعض اهـ أُبي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقال: