أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلمَ قَال:"لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيسَ عَلَى عَاتِقَيهِ مِنْهُ شَيءٌ"
ــ
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي ونسائي أو كوفي وبغدادي.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يصلي) بإثبات الياء خبر بمعنى النهي، وفي المشارق برمز الصحيحين (لا يصل) بإسقاطها على النهي كما هو كذلك في بعض النسخ عندنا، والنهي هنا للتنزيه (أحدكم في الثوب الواحد) الذي (ليس على عاتقيه منه) أي من ذلك الثوب (شيء") أي طرف منه ولو قليلًا أو من غيره ولو حبلًا لأن المطلوب له حين إذ صلى فيه اشتماله كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حين صلى فيه كما سيأتي في الحديث التالي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٤٣] والبخاري [٣٥٩] وأبو داود [٦٢٦] والنسائي [٢/ ٧١] قال النواوي: قال العلماء حكمته أنه إذا ائتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يأمن أن تنكشف عورته بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده أو بيديه فيشغل بذلك وتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت صدره في القيام ورفعهما حيث شرع الرفع وغير ذلك ولأنه ترك ستر أعلى البدن وموضع الزينة، وقد قال الله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ} ثم قال مالك وأبو حنيفة والشافعي رحمة الله عليهم والجمهور هذا النهيُ للتنزيه لا للتحريم فلو صلى في ثوب واحد ساتر لعورته ليس على عاتقه منه شيء صحت صلاته مع الكراهة سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا. وقال أحمد وبعض السلف رحمهم الله تعالى: لا تصح صلاته إذا قدر على وضع شيء على عاتقه إلا بوضعه لظاهر هذا الحديث، وعن أحمد رواية أنه تصح صلاته ولكن يأثم بتركه، وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه:"فإن كان واسعًا فالْتَحف به وإن كان ضيقًا فاتَّزِرْ به" رواه البخاري ورواه مسلم في آخر الكتاب في حديثه الطويل اهـ.
قال القاضي: وصورة الصلاة بالثوب الواحد وليس على عاتقه شيء منه أن يديره من تحت إبطيه فقط وهي صفة الائتزار بالمئزر، وقال القرطبي: وكذلك كرهت الصلاة في السراويل وحدها أو المئزر مع وجود غيرهما، وكذلك اختلفوا في السدل في الصلاة وهو إرسال ثوبه عليه من كتفيه إن كان عليه مئزر ولم يكن عليه قميص وانكشف بطنه