توصيفه بالصلاح على زعمهم (فمات) ذلك الصالح (بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه) أي في ذلك المسجد (تلك الصور) التي رَأَيتُنَّهَا التي مات أصحابها فالإشارة إلى الصور المنقوشة، والخطاب للتي ذكرتها (أولئك) المصورون تلك الصور (شرار الخلق) وأخساؤهم (عند الله) سبحانه وتعالى (يومَ القيَامة) والمحاسبة والمجازاة، والإشارة في قوله (أولئك) إلى أولئك المصورين، والخطاب مثل ما قبله، قال الأبي: الأظهر في الإشارة أنها لمن نحت وعبد وإن كانت في الظاهر لمن نحت فقط فيحتمل كونهم شرار الخلق بتصويرهم لحديث وعيد المصورين، قال القرطبي: قوله (أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا وصوروا تلك الصور) قال الشيخ ابن عرفة: إنما فعل ذلك أَوائِلُهم ليستأنسوا برؤية تلك الصورة ويتذكروا بها أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله سبحانه كعبادتهم عند قبورهم فمضت له بذلك أزمان ثم إنهم خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها وأنها ترزق وتنفع وتضر فعبدوها فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك وشدد النكير والوعيد على فعل ذلك وسَدّ الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فلا تتخذوا القبور مساجد" رواه مالك في الموطأ من حديث عطاء بن يسار أي أنهاكم عن ذلك، وقال "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد" رواه مسلم، وقال "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد" رواه مالك في الموطأ من حديث عطاء أيضًا.
قال الطبري: إن ودًا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا أسماء أصنام قوم نوح عليه السلام إنما كانت أسماء صالحيهم في القديم الذين صوروا صورهم كما مر فلما جاء الخَلَفة نُوسِي أصلُ ذلك الفعل وألقى إليهم الشيطان أن سموا تلك الصور بأسماء أولئك الصالحين فسواع هو ابن شيث ويغوث ويعوق ونسر من أولاده اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ٥١]، والبخاري [٤٢٧] والنسائي [٢/ ٤٢].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله عنها فقال: