للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَلا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ. أَلا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقبُورَ مَسَاجِدَ. إِني أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ"

ــ

في قلبه" أفاده ابن الملك، والتتمة المذكورة موجودة في حديث "إن من أمن الناس على في صحبته وماله أبا بكر" كما في فضائل الصحيحين.

وقيل إنما سمي إبراهيم - عليه السلام - خليلًا لقوله لجبريل - عليه السلام - وقد قال له: ألك حاجة، وقد رمي في المنجنيق، قال: أما إليك فلا. فنفى - عليه السلام - أن تكون له حاجة إلى أحد غير الله عزَّ وجلَّ.

[فائدة] قلت: والفرق بين المحبة والخلة أن المحبة قد تكون من جانب واحد كحبك المال مثلًا، والخلة لا تكون إلا من الجانبين (ألا) حرف تنبيه أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (وإن من كان قبلكم) من الأمم (كانوا يتخذون) أي يجعلون (قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد) لصلاتهم (ألا) أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (فلا تتخذوا القبور) أي قبري وقبور الصالحين (مساجد) أي مواضع لصلاتكم تستقبلون إليها ألا (إني أنهاكم) وأحذركم (عن ذلك) أي عن اتخاذ القبور مساجد كما اتخذها من قبلكم مساجد، قال النواوي: النهي عن اتخاذ قبره صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره مسجدًا هو خوف المبالغة في التعظيم فيؤدي الحال إلى الكفر كما اتفق في الأمم الخالية اهـ قال القاضي عياض: (قوله أنهاكم عن ذلك) أكد النهي عن ذلك خوف أن يتغالى في تعظيم قبره صلى الله عليه وسلم حتى يخرج من حد المبرة إلى حد المنكر فيعبد من دون الله سبحانه وتعالى فيكون وثنًا أي مثل الوثن المعبود في تعظيم الناس له عند الزيارة واستقبالهم له في السجود فيكون شركًا، قال الأبي: والفرق بين الصنم والوثن أن الصنم ما نحت من حجر أو غيره والوثن ما نحت من غير الحجارة نحاسًا أو غيره اهـ، وعبارة القرطبي هنا قوله في حديث جندب (إني أبرأ إلى الله) إلخ أي أبعد عن هذا وأنقطع عنه وإنما كان كذلك لأن قلبه صلى الله عليه وسلم قد امتلأ بما تخلله من محبة الله تعالى وتعظيمه فلا يتسع لمخالة غيره أو لأنه صلى الله عليه وسلم قد انقطع بحاجاته كلها إلى الله ولجأ إليه في سد خلاته فكفاه ووقاه فلا يحتاج إلى أحد من المخلوقين، وقد تقدم القول في الخلة والخليل (وقوله ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا) إلخ هذا يدل على أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>